للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الأول: أنه لا سبيل إلى معرفة طبائع البروج وطبائع الكواكب وامتزاجها إلا بالتجربة. وأقل ما لا بد منه في التجربة أن يحصل ذلك الشيء على حالة مرتين فأكثر، إلا أن الكواكب لا يمكن تحصيل ذلك فيها لأنه إذا حصل كوكب معين في موضع معين في الفلك وكانت سائر الكواكب متصلة به على وضع مخصوص وشكل مخصوص فإن ذلك الوضع المعين بحسب الدرجة والدقيقة لا يعود إلا بعد آلاف السنين، وعمر الإنسان لا يفي بذلك، فثبت أنه لا يمكن الوصول إلى هذا الأحوال عن طريق التجربة١ –كما سبق الإشارة إلى هذا المعنى في الوجه الأول-.

الأمر الثاني: من المعلوم أن في فلك البروج كواكب لم يعرفها المنجمون إلا في العصر الحاضر، فلعل وقوع نجم من هذه النجوم المجهولة في ذلك العصر على درجة الطالع يوجب أثراً ما لا يوجبه بدونها٢، ومن هذه الكواكب التي لم تكتشف إلا في العصر الحاضر (مذنب هالي) الذي سماه المنجمون الكوكب الآثاري٣، وكوكب (أورانوس) الذي اكتشف سنة ١٧٨١م٤، وغيرها كثير لم يتوصلوا إليه حتى اليوم، إذ إن نجوم السماء كثيرة جداً، حتى إن بعض الفلكيين صور كثرتها بقوله: (إن عدد النجوم يزيد على عدد حبات الرمل على شواطئ جميع بحار الدنيا) ٥، وهذا الوصف وإن كان فيه شيء من المبالغة إلا أنه


١ المصدر السابق نفسه: (٢/١٣٤) .
٢ انظر: "النبوات" للرازي: ص٢١٨، و"مفتاح دار السعادة": (٢/١٢٨-١٢٩) .
٣ انظر: "قراءة الأبراج والطوالع والحظوظ": ص٢٥.
٤ انظر: مجلة الأزهر: عدد (٢) ، ص١٣٤، مقال العقاد.
٥ "كل شيء عن النجوم": ص٩٣.

<<  <   >  >>