للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبين كثرة النجوم في السماء، فإن كانوا عاجزين عن اكتشاف هذه النجوم فعجزهم عن إدراك طبائعها وتأثيراتها أولى وأحرى، فإن قالوا: لو حصلت هذه الكواكب الصغيرة لم تكن لها قوة وتأثير أصلاً، لأجل أن صغرها يوجب ضعفها، قيل لهم: هذا باطل، لأن عطارد مع غاية صغره تقاربه سائر الكواكب السيارة مع عظم أجرامها، بل الرأس والذنب نقطتان١، وأصحاب الأحكام أثبتوا لهما آثاراً عظيمة، بل سهم السعادة وسهم الغيب نقطتان وهميتان٢، والمنجمون أثبتوا لها آثاراً قوية٣، فإن جعلوا لهذه آثاراً فمن باب أولى بقية النجوم على حسب منهجهم.

الأمر الثالث: أننا نفترض –جدلاً- أنهم عرفوا طبائع الكواكب حال بساطتها، لكن من المسلم به وما شهد به كبراؤهم أنه لا يمكن معرفة طبائعها وآثارها حال امتزاج بعضها ببعض، وذلك لأن الامتزاج الحاصل من ألف كوكب أو يزيد يستحيل على العقل ضبطه٤. فقد نقل أبو حيان التوحيدي٥ عن بعض كبرائهم أنه قال: (وقد يغفل – مع هذا كله -


١ هما نقطتان وهميتان تحدثان عند تقاطع مدار القمر مع دائرة البروج عند حدوث الكسوف تسمى إحداهما: الرأس، والأخرى الذنب. انظر: "رسائل إخوان الصفا": (١/١٢١-١٢٢) .
٢ يعدها المنجمون من سهام الكواكب السبعة، ويطلقون على الأول سهم القمر، وعلى الثاني سهم الشمس. انظر: "التفهيم": ص٢٨٣.
٣ انظر: "النبوات" للرازي: ص٢١٧-٢١٨.
٤ انظر: "مفتاح دار السعادة": (٢/١٢٨) .
٥ هو علي بن محمد بن العباس التوحيدي، أبو حيان، فيلسوف، متصوف، معتزلي، نعته ياقوت الحموي: بشيخ الصوفية وفيلسوف الأدباء. توفي سنة أربعمائة. انظر: "ميزان الاعتدال": (٤/٥١٨) ، و"لسان الميزان": (٧/٣٨-٤١) ، و"الأعلام": (٤/٣٢٦) .

<<  <   >  >>