للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنجم اعتبار حركات كثيرة من أجرام مختلفة، لأنه يعجز عن نظمها وتقويمها ومزجها وتسييرها، وتفسير أحوالها، وتحصيل خواصها، مع بعد حركة بعضها، وبطئها وسرعتها، والتفاف صورها، والتباس مقاطعها، وتداخل أشكالها، ومن الحكمة في هذا الإغفال أن الله تقدس اسمه يتميز بذلك القدر المغفل، والقليل الذي لا يؤبه له، والكثير الذي لا يحاول البحث عنه أمراً لم يكن في حساب الخلق) ١.

الأمر الرابع: نفترض –جدلاً كذلك- أنهم استطاعوا معرفة طبيعة الامتزاجات الحاصلة في وقتهم، ولكن من الممتنع عليهم معرفة الامتزاجات السالفة، فربما كان لها أثر في هذه الحوادث كالامتزاجات الحاصلة في وقتهم الذي يدعونه٢.

الوجه الرابع: من الأصول التي بنى عليها المنجمون تأثير الكواكب قائماً على علاقة المشابهة بين أسماء البروج وما يوافقها من عالم الكون والفساد، بمعنى أنهم جعلوا تأثير الحيوانات السفلية بما يقابلها من الصور العلوية، فبرج العقرب –مثلاً- يؤثر في العقارب ... وهكذا كما قال بطليموس٣: (الصور الموجودة في عالم التركيب مطيعة للصور الفلكية، إذ هي في ذاتها على تلك الصور، فليست تلك الصور وهمية،


١ "المقابسات": ص١٢٧، وقد جعلوا الله منفرداً بهذا النزر القليل فقط، وهذا من تأليهم على الله –تعالى الله عما يقولن-.
٢ انظر: "مفتاح دار السعادة": (٢/١٢١) .
٣ ملك بن الإسكندر: وكان حريصاً على الفلسفة، مولعً بها، جمع بين علوم عدة منها: التنجيم والجغرافية والتاريخ والفلسفة والطب وغيرها، وألف فيها. "طبقات الأطباء والحكماء": ص٣٥، و"الفهرست" لابن النديم: ص٣٧٤.

<<  <   >  >>