للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال له: "أنت تخاف زحل، وأنت ترجو المشتري، وأنا أرجو رب المشتري، وأنت تغدو بالاستشارة، وأننا أغدو بالاستخارة، فكم بيننا؟ فقال له ما شاء الله: كثير بيننا، حالك أرجى، وأمرك أنجح وأحجى"١،

وما رواه الخطيب البغدادي عن أبي محمد البافي٢ أنه قيل له: "إن منجماً لقي رجلاً مسلماً فقال له: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت أرجو الله وأخافه، وأصبحت ترجو المشتري وتخاف زحل، فنظمه البافي شعراً وأنشدناه:

أصبحت لا أرجو ولا أخشى سوى

الجبار في الدنيا ويوم المحشر

وأراك تخشى ما يقدر أنه

يأتي به زحل وترجو المشتري

شتان ما بيني وبينك فالتزم

طرق النجاة وخل طرق المنكر٣

وأما الأدلة على فساد صناعتهم، وعلى أنهم ظنون كاذبة من المعقول فهي كثيرة، نذكر أهمها في ثلاثة عشر وجهاً:

الوجه الأول: اعتراف كثير من زعمائهم بأن هذه الصناعة تقوم على الخرص والتوهم، وأنها لا تفيد العلم البتة، كما صرح بذلك بطليموس وأرسطاطاليس٤،

فقال أرسطاطاليس: (لما كان حال العلم واليقين في


١ "المقابسات": ص١٢٣.
٢ هو عبد الله بن محمد البافي الخوارزمي، أبو محمد، شاعر، فقيه، غزير العلم، بفقه الشافعية، توفي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. انظر: "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة: (١/١٥٩) ، و"الأعلام": (٤/١٤١) .
٣ "حكم علم النجوم": (ق١٥/ب) .
٤ انظر: "مفتاح دار السعادة": (٢/١٧٥) ، وأرسطاطاليس هو ابن نيقوماخس الفيثاغوري، ويطلق عليه أرسطو اختصاراً، تتلمذ على أفلاطون، وإليه انتهت فلسفة اليونانيين، وهو سيد علمائهم، وفيلسوف الروم، وعالمها، وخطيبها، وطبيبها، كان وزير الإسكندر المقدوني الكافر، وكان يعبد الأصنام، وهو مؤسس المدرسة المشائية. انظر: "طبقات الأطباء والحكماء": ص٢٥، و"تاريخ الحكماء": ص٢٧، و"عيون الأنباء": ص٨٦، و"إغاثة اللهفان": (٢/٢٦٠) .

<<  <   >  >>