للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن جمهور المفسرين ذهبوا إلى أن المقصود بالمدبرات في الآية الأولى الملائكة، وهذا ما تشهد له النصوص الأخرى، كقوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} ١، وقوله: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ٢، وأما على القول بأنها الكواكب فلا دليل عليه، سوى أنه قول قيل، وإذا حملت الآية على أن المقصود الكواكب يكون المعنى مدبرة لنفسها بالطلوع والأفول على وفق ما أمرها الله٣، أما قوله: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً} ، فلم أجد من خالف في أنها الملائكة وفي ذلك قال ابن القيم: لم يقل أحد من أهل التفسير أنها النجوم، بل قالوا: هي الملائكة، فتفسير الآية بأنها النجوم كذل على الله، وعلى المفسرين٤.

أما شبهتهم الثالثة: وهي أن الله جعل حركات هذه الأجرام على وجه ينتفع بها في مصالح هذا العالم، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} ٥، فليس فيها دلالة على ما يزعمونه من أحكام النجوم، بل ذكر الله وجه الانتفاع من هذه الأجرام وهو الضياء والنور، ومعرفة حساب الأيام والشهور والأعوام٦. ولو كان لها


١ سورة القدر، الآية:٤.
٢ انظر: "تفسير القرطبي": (١٩/١٩٤) ، و"أضواء البيان": (٩/٢٤) ، والآية (٦) من سورة التحريم.
٣ انظر: "تفسير القرطبي": (١٩/١٩٤) .
٤ "مفتاح دار السعادة": (٢/١٩٣-١٩٤) .
٥ سورة يونس، الآية:٥.
٦ انظر: "تفسير ابن كثير": (٢/٤٠٧) .

<<  <   >  >>