للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أثر في هذا العالم كما يدعيه هؤلاء لكان الأليق ذكر ما تقتضيه هذه الكواكب من السعد والنحس، والخير والشر في هذا العالم، إذ إن هذا أعظم في العبرة من مجرد الضياء١.

واستدلوا أيضاً بقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} ٢، وكذلك هذه الآية ليس لهم دلالة فيها، إذ إنها تتضمن ثناء الله وتمجيده وتعظيمه لنفسه على ما خلق في السماء من الكواكب العظام أو القصور أو النجوم٣ على اختلاف المفسرين في ذلك، وخلق فيها الشمس سراجاً والقمر نوراً.

فأي دلالة في ذكر هذه المخلوقات على أحكام النجوم؟ ولو كان لهذه المخلوقات دلالات وآثار في العالم لكان ذكرها أليق في هذا المقام٤.

أما الشبهة الرابعة: فالرد عيها من شقين:

الشق الأول: إن استدلالهم بقوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ٥.

وقولهم: (ليس المراد هو كبر الجثة لأن هذا أمر معروف، فوجب أن يكون المراد كبر القدر والشرف) . استدلال في غاية الفساد، لأن المراد من الخلق هنا الفعل لا المفعول، وهذا من أبلغ الأدلة على إعادة الخلق يوم القيامة، أي أن الله هو الذي خلق السماوات والأرض، وخلقهما أكبر


١ انظر: "مفتاح دار السعادة": (٢/١٩٤-١٩٥) .
٢ سورة الفرقان، الآية:٦١.
٣ انظر: "تفسير الطبري"، (١٩/٢٩) .
٤ انظر: "مفتاح دار السعادة": (٢/١٩٥-١٩٦) .
٥ سورة غافر، الآية: ٥٧.

<<  <   >  >>