للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عظمته) ١، ومن هذا تبين أن هذه الآية بم تتعرض لأحكام النجوم بوجه، بل دلت على علم التسيير.

أما استدلالهم بالأمر الثالث، وهو ما ورد في كتاب نهج البلاغة أن علياًّ رضي الله عنه مثبتاً لنحوس الكواكب وسعودها لهذه النجوم فيرد عليه من وجهين:

الوجه الأول: أين إسناد هذا النقل، بحيث ينقله ثقة عن ثقة، متصلاً إليه؟ وهذا لم يوجد في هذه الرواية قط، وإنما وجد مثل هذا في كتاب نهج البلاغة وأمثاله، وأهل العلم يعلمون أن أكثر خطب هذا الكتاب مفتراة على عليّ رضي الله عنه، ولهذا لا يوجد غالبها في كتاب مقدم، ولا لها إسناد معروف، فهذا الذي نقلها من أين نقلها؟ ونحن في هذا المقام ليس من الضروري علينا أن نبين أن هذا كذب، بل تكفينا المطالبة بصحة النقل، فإن اله لم يوجب على الخلق أن يصدقوا بما لم يقم دليل على صدقه، بل هذا ممتنع بالاتفاق٢.

الوجه الثاني: أن هذا الكلام مما يعلم قطعاً كذب نسبته إلى عليّ رضي الله عنه، إذ كيف يثبت ذلك، وقد علم من حاله النكير على المنجمين، ومن اعتقد اعتقادهم؟ كما ورد في قصته مع المنجم الذي لقيه عندما أراد الخروج لقتال الخوارج، وقد خالف قول المنجم، بل وخطب الناس محذراً من أمثال هؤلاء٣.


١ "تفسير ابن كثير": (٢/٤٠٧) .
٢ انظر: "منهاج السنة": (٧/٨٦-٨٧) .
٣ انظر: "تاريخ الطبري": (٦/٤٧) .

<<  <   >  >>