للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدل أرباب هذه الصناعة على جواز وصحة صناعتهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك" ١، قالوا: إن علم الرمل ثبت عن إدريس عليه السلام، فهو المعلم الأول، وكان علم الرمل من معجزاته٢. وهذا دليل يدل على بطلان هذا العلم، وعلى تحريم هذه الصناعة، ولا يدل على إباحتها مطلقاً، حيث إن العلماء بينوا معنى هذا العلم، وباتضاح المعنى تتضح الدلالة.

قال الخطابي رحمه الله بعد سرد هذا الحديث: (يحتما أن يكون معناه الزجر عنه، إذ كان من بعده لا يوافق خطه، ولا ينال حظه من الصواب، لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبي، فليس لمن بعده أن يتعاطاه طمعاً في نيله) ٣.

وقال النووي رحمه الله تعالى: (اختلف العلماء في معناه، والصحيح أن معناه من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح) .

والمقصود أنه حرام، لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن وافق خطه فذاك" ولم يقل: هو حرام بغير تعليق على الموافق لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا. والمعنى أن ذلك النبي لا مانع في حقه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها.


١ سبق تخريجه: ص١١١.
٢ "شرح لب الألباب": (ق٢) .
٣ "معالم السنن": (١٢/٣٧٤) .

<<  <   >  >>