للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القاضي عياض: المختار أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته فيما يقول، لا أنه أباح ذلك لفاعله. قال: ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا. ثم قال النووي: (فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن) ١.

وقال ابن خلدون: ليس في الحديث دليل على مشروعية خط الرمل كما يزعمه بعض من لا تحصيل لديه، لأن معنى الحديث كان نبي يخط فيأتيه الوحي عند ذلك الخط، ولا استحالة أن يكون ذلك عادة لبعض الأنبياء، فمن وافق خطه فهو ذاك، أي: فهو صحيح من بين الخط بما عضده من الوحي لذلك النبي الذي عادته أن يأتيه الوحي عند الخط، وأما إذا أخذ ذلك من الخط مجرداً من غير موافقة وحي فلا٢.

وقال ابن حجر الهيثمي: (تعلم الرمل وتعليمه حرام شديد التحريم وكذا فعله لما فيه من إبهام العوام أن فاعله يشارك الله في غيبه وما استأثر بمعرفته ... والحديث المذكور في مسلم يجب أن يحل على ما يطابق القرآن، وما اتفق عليه إجماع أهل السنة، وذلك بأن يحمل على الإنكار، لا الإخبار، لأن الحديث خرج جواباً على سؤال من اعتقد علم الخط على ما اعتقدت العرب، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك من خواص علوم الأنبياء بما يقتضي الإنكار على من يتشبه به من الناس إذ هو من خصوصياتهم، ومعجزاته الدالة على النبوة، فهو كلام ظاهره الخبر، والمراد به الإنكار، ومثله في القرآن والسنة كثير.


١ "شرح النووي على صحيح مسلم": (٥/٢٣) .
٢ "مقدمة ابن خلدون": ص١١٢.

<<  <   >  >>