للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجود بإيجاب المؤثر الأول لها بذلك. وهذا مذهب بعض قوم إبراهيم وبعض الفلاسفة١.

الصنف الثاني: قالوا: إن هذه الكواكب والأفلاك واجبة الوجود لذواتها، وليس لها مبدأ أول أصلاً، بل هي الموجدة لهذا العالم. وهم الصابئة الدهرية٢.

الصنف الثالث: وهم الذين اعتقدوا أن هذه الكواكب مخلوقة، خلقها فاعل مختار، وهو الإله الأعظم، وأودع في كل كوكب منها قوة مخصوصة، وفوض تدبير العالم إليها. قالوا: وهذا لا يقدح في جلال الله وكبريائه، فأي خلل في أن يكون للملك عبيد منقادون لأمره، ثم إنه فوض إلى كل واحد منهم تدبير مملكة طرف معين، وسلطنة إقليم معين٣. وهذا مذهب إخوان الصفا٤، والرازي٥، وغيرهم من الفلاسفة.


١ انظر: "الملل والنحل": (٢/٦-٨) ، و "السر المكتوم": (ق ١٨٥ أ) ، و"أبكار الأفكار" نقلاً عن"الصابئة قديماً وحديثاً": ص١٧-١٩، و"الزواجر": (٢/١٠١) .
٢ "السر المكتوم": (ق ١٨٤ ب) ، و"الزواجر": (٢/١٠١) .
٣ انظر: "رسائل إخوان الصفا": (١/١٤٤-١٤٥) ، و"السر المكتوم" للرازي: (ق ١٨٥ أ) ، و"تفسير أبي السعود": (١/١٦٤) .
٤ هو أبو سليمان محمد بن معشر البستي، ويعرف بالمقدسي. وأبو الحسن علي بن زهرون الزنجاني. وأبو أحمد النهر جوري. والعوفي. وزيد بن رفاعة. وهم حكماء اجتمعوا وصنفوا رسائل يجمعون فيها بين الفلسفة والدين سموها "رسائل إخوان الصفا". وكان ذلك بعد المائة الثالثة للهجرة. ويتسترون بين المسلمين باسم التشيع. انظر: "الإمتاع والمؤانسة": (٢/٤) ، و"تاريخ حكماء الإسلام": (٣٥-٣٦) ، و"مجموع الفتاوى": (٣٥/١٣٣-١٣٦) ، (١٢/٢٣) .
٥ انظر: "النبوات، وما يتعلق بها" للرازي: ص٢١٤، ٢١٥، والرازي هو محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي ابن علي القرشي البكري، أبو عبد الله فخر الدين الرازي، المفسر، المتكلم، ويقال له: ابن خطيب الري. توفي سنة ست وستمائة للهجرة. انظر: "الكامل" لابن الأثر: (١٢/٢٨٨) ، و "البداية والنهاية": (١٣/٦٠) ، و"الأعلام": (٦/٣١٣) .

<<  <   >  >>