للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاتصالات الفلكية، إلا أنه لابد لتلك الاتصالات والحركات الفلكية من فاعل مدبر، فإذا كان المدبر لتلك الحركات الفلكية هو الله تعالى، كان الإحياء والإماتة الحاصلان بواسطة تلك الحركات الفلكية أيضاً من الله تعالى، وأما الإحياء والإماتة الصادران عن البشر بواسطة الأسباب الفلكية والعنصرية فليست كذلك، لأن لا قدرة للبشر على الاتصالات الفلكية، فظهر الفرق. وإذا عرفت هذا، فقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ} ليس دليلاً آخر، بل تمام الدليل الأول، ومعناه: أنه وإن كان الإحياء والإماتة من الله بواسطة حركات الأفلاك، إلا أن حركات الأفلاك من الله، فكان الإحياء والإماتة أيضاً من الله، وأما البشر فإنه وإن صدر منهم الإحياء والإماتة بواسطة الاستعانة بالأسباب السماوية والأرضية، إلا أن تلك الأسباب ليست واقعة بقدرته، فثبت أن الإحياء والإماتة الصادرين من البشر ليست على ذلك الوجه، وأنه لا يصلح نقضاً عليه، فهذا الذي أعتقده في كيفية جريان هذه المناظرة) ١.

وأورد عدة إشكالات –نصرة لمذهبه- على القول بأن النمرود قال: أن أحيي وأميت، آتي بالرجلين فأحيي أحدهما، وأقتل الآخر، فقال إبراهيم: إن الله يأتي بالشمس من المشرق، فأت بها من المغرب.

وهذه الإشكالات هي:

الإشكال الأول: أن صاحب الشبهة إذا ذكر الشبهة، ووقعت تلك الشبهة في الأسماع وجب على المحق القادر على الجواب أن يذكر الجواب في الحال، إزالة لذلك التلبيس والجهل عن العقول، فلما طعن الملك


١ "التفسير الكبير": (٧/٢٦) .

<<  <   >  >>