للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الشمس فلا نرى في ذاتها تبدلاً، ولا في صفاتها تبدلاً، ولا في منهج حركاتها تبدلاً البتة، فكانت دلالة الإحياء والإماتة على الصانع أقوى، فكان العدول منه إلى طلوع الشمس انتقالاً من الأقوى الأجلى إلى الأخفى الأضعف، وأنه لا يجوز١.

الإشكال الخامس: أن نمرود لما لم يستح من معارضة الإحياء والإماتة الصادرين عن الله تعالى بالقتل والتخلية، فكيف يؤمن من عند استدلال إبراهيم بطلوع الشمس أن يقول: طلوع الشمس من المشرق مني، فإن كان لك إله فقل له حتى يطلعها من المغرب؟ وعند ذلك التزم المحققون من المفسرين ذلك، فقالوا: إنه لو أورد هذا السؤال لكان من الواجب أن تطلع الشمس من المغرب، ومن المعلوم أن الاشتغال بإظهار فساد سؤاله في الإحياء والإماتة أسها بكثير من التزام إطلاع الشمس من المغرب إلا أن يكون الدليل على وجود الصانع هو طلوع الشمس من المغرب، ولا يكون طلوع الشمس من المشرق دليلاً على وجود الصانع، وحينئذ يصير دليله الثاني ضائعاً كما صار دليله الأول ضائعاً٢.

وفي الرد على ما ذهب إليه الرازي سأسلك مسلكين: إجمالي وتفصيلي.

- المسلك الأول: الرد الإجمالي: والرد فيه من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: لو كان معنى قول إبراهيم كما ذكر الرازي لم يكن خليل الرحمن عدوًّا لعباد الكواكب والأصنام الذين ألقوه في النار، وهو عليه السلام أعظم الناس براءة منهم٣.


١ المصدر نفسه.
٢ المصدر نفسه.
٣ انظر: "مفتاح دار السعادة": (٢/٢٠٣) .

<<  <   >  >>