للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن أئمتكم يعترفون أن آدم وأولاده برآء من ذلك، إذ أنهم ينسبون هذا العلم إلى إدريس عليه السلام، ويزعمون أنه أول من علم هذا العلم، وكان ذلك بعد آدم بزمن طويل، هذا لو ثبت عن إدريس، فكيف وهو كذب عليه١؟

الوجه الثالث: أن الأنبياء معصومون من الكفر بالإجماع٢، وادعاء علم الغيب كفر، لأنه ادعاء شيء استأثر الله به، والتنجيم من هذا القبيل، لذلك فنسبة الأنبياء إلى التنجيم كنسبتهم إلى الكفر.

الوجه الرابع: أن الله نزه الأنبياء أن يكونوا سحرة، وذم من يصفهم بهذا الوصف، وكذبهم قال تعالى {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} ٣، والأدلة كثيرة في هذا المعنى.

والتنجيم شعبة من السحر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما اقتبس رجل علماً من النجوم إلا اقتبس بها شعبة من السحر ما زاد زاد" ٤، فنسبة الأنبياء إلى علم النجوم كنسبتهم إلى السحر، وقد نزههم٥ الله عن ذلك.

وقد نسب التنجيم أيضاً إلى إدريس عليه السلام، وزعموا أنه أول من علم وعلّم أحكام النجوم.


١ "مفتاح دار السعادة": (٢/٢٢٦) .
٢ انظر: "لوامع الأنوار البهية": ص٣٠٣.
٣ سورة الذاريات، الآية: ٥٢.
٤ أخرجه أبو داود: (٣٩٠٥) ، وابن ماجه: (٣٧٧١) ، وأحمد: (١/٢٢٧، ٣١١) بألفاظ متقاربة. وصححه النووي في "رياض الصالحين": ص٦٣٧، والمناوي في "التيسير": (٢/٤٠٣) ، والألباني في "السلسلة الصحيحة": (٧٩٣) ، وفي "صحيح الجامع الصغير": (٥٩٥٠) ، وأحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد: (٢٠٠٠، ٢٨٤١) .
٥ مستفاد من "مجموعة الفتاوى المصرية": (١/٣٣٢) .

<<  <   >  >>