للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: على فرض ثبوت هذا القول يحمل على أنه أراد علم التسيير، إذ قد يكون ما عرف من هذا العلم مأثوراً عن أحد الأنبياء، إذ لا مانع من ذلك، ويحمل قوله الآخر على التنكير والتحذير من علم أحكام النجوم.

وجعل هؤلاء أول المنجمين آدم عليه السلام تارة وإدريس عليه السلام تارة أخرى، فما نسب إلى آدم عليه السلام ما ذكره علي بن طاووس: (أن الله تبارك وتعالى أهبط آدم من الجنة وعرفه علم كل شيء فكان مما عرفه النجوم والطب) ١، وذكر الرازي: (أن أول من أعطي هذا العلم آدم، وذلك أنه عاش حتى أدرك من ذريته أربعين ألفاً، وتفرقوا عنه في الأرض وكان يغتم لخفاء خبرهم عليه فأكرمه الله تعالى بهذا العلم وكان إذا أراد أن يعرف حال أحدهم حسب له بهذا الحساب، فيقف على حالته) ٢، وبيان بطلان هذا القول واضح لمن عنده أدنى علم بأحوال الأنبياء وما يجوز في حقهم وما يمتنع، وأبين هذا من أربعة أوجه:

الوجه الأول: أن هذا من بهت المنجمين وافترائهم على آدم وقد عملوا بالمثل السائر: إذا كذبت فأبعد شاهدك٣، إذ أن من نسب إلى آدم عليه السلام علم أحكام النجوم المزعوم ليس عنده إلا مجرد القول الخالي من الدليل، والكذب على الأنبياء، ومثل هذه الأخبار لا تثبت إلا بنص من القرآن والسنة، وهم مجردون من ذلك٤.


١ "فرج المهموم": ص٢٢.
٢ "مفتاح دار السعادة": (٢/١٨٨) .
٣ المصدر نفسه: (٢/٢١٩) .
٤ انظر: "مجموع الفتاوى المصرية": (١/٣٣٠) .

<<  <   >  >>