إما استدل بحديث لا يصح، وإما فهم من كلمة صحيحة مفهوماً مخطئاً".
كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى- مجتهداً في مذهب الإمام أحمد، راداً إلى الكتاب والسنة، ومع ذلك يرميه الجامدون بالجمود، وكان يؤمن بصلاحية الوحي لمواجهة كل العصور، ويثق في أن هذا القرآن دائماً يهدي للتي هي أقوم، وأن عقولنا يجب أن تسير في فلكه، لا أن يسير الوحي في فلكها، وقد عجز خصومه عن الارتفاع إلى هذا المستوى، فشغبوا عليه، شأن العاجزين وأصحاب الأهواء والمصالح في كل العصور، ولم يحاربهم مع ذلك، لكنهم حاربوه، ولم يحول طردهم من ديارهم، لكنهم طاردوه، وجعلوه ينتقل من مكان إلى مكان يبحث عن الملجأ كما يبحث عن الرجل العظيم، الذي يكون ممكَّناً في الدنيا؛ ليضم الدين إلى دنياه، ويُقّوِّم دنياه بدينه، ويحمي الدعوة وأصولها ورجالها، فلما وجده وعرف الصدق في كلامه، وقف بجانبه ووراءه، وبشره بالملك الذي تحقق فعلاً على نحو لم يكن متصوراً من قبل، ومع ذلك لم يطلب لنفسه ملكاً ولا شراكة في الملك، ولم يرغب إلا فيها عند الله.
كان سلوكه - بشهادة الجميع - تطبيقاً لعلمه، ومع ذلك فما زال هناك من لا يتقول الله فيه، كما أنه ما زال هناك من لا يتقول الله في أعراض الأنبياء والصحابة، فكيف بالدعاة والمصحلين!!. وعندما تبنى آل سعود الكرام بدءاً من الإمام المجاهد محمد بن سعود - رحمه الله - الدعوة، وجعلوها قضية وجودهم، كان الشيخ رحمه الله سعيداً، وهو يشعر بأنه جندي بارز في دولة التوحيد، ولم