تأخذه العزة بالإثم، ولم يشغب كما يشغب رجال الدنيا، وأدعياء النعرات والأيدلوجيات، ولم يتهارش كما يفعل بعض الدعاة للأسف تهارش الديكة؛ من أجل الحفاظ على وضع متميز مادياً ومعنوياً، بل لعله كان أسعد الناس، وهو يتفرغ لما نذر حياته له، وهي الدعوة، وكانت سعادته أبلغ، وهو يرى الدولة التي بايع إمامها تنمو صعداً، بينما كان الدعوة الإصلاحية تتجاوز الجزيرة العربية، وتمشي مع الهواء لتصل إلى آفاق لم تكن لديه وسائل لتوصيلها، لكنها كلمة التوحيد الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فتضيء الطريق للباحثين عن الحق، وتقض مضاجع المنحرفين الذين يبغون عوجاً.
ومات الشيخ قرير العين رحمه الله تعالى.
وبذل الخصوم جهوداً ضخمة وحروباً دامية، وهزموا الدولة مؤقتاً، لكنها انبعثت بالدعوة من جديد؛ لأن دولة العقيدة لا تموت، ولأن إشعاعات التوحيد والسنة لا تقضي عليها السيوف والمدافع، ولاسيما إذا كانت العقيدة نابعة من وحي الله، تقوم على الحق، وتهدي إلى الحق.
ولقد فؤجئ الناس برجل مجرد من القوة المادية، في ظروف تكاد تكون معقدة ومن خلال ستين رجلاً لا غير، يتقدم بالعقيدة السلفية، فيقيم دولة التوحيد من جديد، ويوحد الجزيرة العربية بالإسلام، ويبدأ من خلال عشرات الوسائل في نشر الدعوة، فتصل - برجال الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله إلى آفاق الأرض، ولا