للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه"١.

وفي الحديث الذي رواه أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون له: يا فلان، ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فيقول: بلى كنت أمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه" ٢٣، فيتضح من هذا الحديث الشريف التحذير لمن خالف قوله عمله، نسأل الله العافية والسلامة، ثم ليعلم الداعية أن


١ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ١/٣٤٣.
٢ رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة النار وأنها مخلوقة، رقم: ٣٢٦٧.
٣ قد يوجد تساؤل أو شبهة عند البعض لكونه لا يقوم بالدعوة والاحتساب خشية أن يقع تحت طائلة هذا الوعيد الوارد في هذه النصوص، ويقول: أنا لا أقول بذلك لأني لدي ذنوب ومعاصي، فلذلك لا أقوم بالاحتساب، فيجاب عن هذا التساؤل بقول الإمام سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ: " لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر"، ولأنه لا يتصور عدم الوقوع بالذنوب والمعاصي من بني آدم لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" رواه ابن ماجة، أبواب الزهد، باب ذكر التوبة، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة، ٢/٤١٨، فعلى كل إنسان أن يقوم بالدعوة مع حرصه على فعل الطاعة واجتناب المعصية حتى لا يقع في ذلك الوعيد الوارد في النصوص السابقة، لأن الذم الوارد فيها بسبب مخالفتهم لواقعهم وليس بسبب أمرهم أو نهيهم، وللاستزادة حول هذه الشبهة، انظر: شبهات حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، د. فضل إلهي، ص٢٢.

<<  <   >  >>