للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أقدار الله١، وذلك لطبيعة العمل الذي يقوم به ويؤديه، فهو يحتاج إلى الصبر قبل قيامه بالدعوة بطلب العلم والجمع بينه وبين العمل، ويحتاجه معها في قيامه بتبليغ الدعوة وحرصه عليها، ويحتاجه بعدها لما قد يترتب عليها من إعراض المدعو أو ما قد يلحقه بسببها من الأذى.

والصبر لازم للداعية لكونه يسلك سبيل الأنبياء والرسل عليهم السلام، وقد تسلحوا بالصبر في دعواتهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [الأنعام: ٣٤] .

ولذلك قرن الله التواصي بالصبر مع التواصي بالحق في سورة العصر بقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} .

وجاء الصبر مقرونا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في وصية لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه كما أخبر الله تعالى عنه: {يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: ١٧] .

يقول الحافظ ابن كثير: "علم ـ لقمان ـ أن الآمر بالمعروف والناهي


١ تحدث عن هذه الصفة وأنواعها الإمام ابن القيم في مدارج السالكين ٢/١٥٢.

<<  <   >  >>