للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصلت المعلومات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأعرابي بأنه يتحرك –وبنشاط كبير وملحوظ- لحشد عدد كبير من الأحابيش والأعراب ليغزو بهم المدينة، مع إظهاره العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بهجائه وشتمه كما ورد في بعض روايات الطبراني عن الحادثة١ وعلى الفور استدعى النبي صلى الله عليه وسلم أحد رجال المهمات الصعبة المعدودين، مغوارٍ من أبطال الصحابة وذي باع وخبرة في هذا المضمار ذلكم هو عبد الله بن أنيس رضي الله عنه٢ والذي وصف نفسه في بعض روايات هذا الخبر بأنه لا يهاب الرجال، ولا فَرِقَ٣ من شيء قط٤ وهذه الصفة هي أهم صفات أفراد فرق المغاوير في جيوش العالم قديما وحديثا، والتي تتطلب مهماتها الجرأة والشجاعة.


١ الهيثمي، مجمع (٦/٢٠٤) .
٢ اختُلف في عبد الله بن أنيس رضي الله عنه كثيرا، قال علي بن المديني: "هذا عبد الله بن أنيس الأنصاري، وليس بالجهني الذى روى عنه جابر بن عبد الله". الهيثمي، مجمع (٦/١٩٨) .
وقال ابن حجر: وأما عبد الله بن أنيس فهو الجهني حليف الأنصار، وقد فرق المنذري بين عبد الله بن أنيس الجهني، وعبد الله بن أنيس الأنصاري، وجزم بأن الأنصاري هو الذي كان في قتل ابن أبي الحقيق، وتبع في ذلك ابن المديني، وجزم غير واحد بأنهما واحد وهو جهني حليف الأنصار. فتح الباري (٧/٣٤٣) .
أما الشامي فقال: تردد الإمام محب الدين الطبري رحمه الله في عبد الله بن أنيس قاتل سفيان بن خالد لا معنى له؛ لأنه هو الجهني بلا تردد، وهو أشهر ذكرا من الخمسة الذين وافقوه في الاسم واسم الأب من الصحابة رضي الله عنهم. سبل الهدى (٦/٦٠) .
وترجم له ابن حجر في "الإصابة": "عبد الله بن أنيس الجهني أبو يحيى المدني حليف بني سلمة من الأنصار". وقال ابن الكلبي، والواقدي: هو من ولد البرك بن وبرة من قضاعة. قال ابن الكلبي: واسم جده أسعد بن حرام بن حبيب بن مالك بن غنم بن كعب بن تيم، وقد دخل ولد البرك في جهينة فقيل له الجهني، والقضاعي، والأنصاري، والسَّلَمي بفتحتين كذلك. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أولاده: عطية، وعمر، وضمرة، وعبد الله، وجابر بن عبد الله الأنصاري وآخرون. وكان أحد من يكسر أصنام بني سلمة من الأنصار.
وذكر المزي في "التهذيب" عن ابن يونس أنه أرخ وفاته سنة ثمانين، وتعقب بأن الذي في تاريخ ابن يونس أنه مات في هذه السنة أو غيره وهو مذكور بعد عبد الله بن أنيس بترجمتين. والمعروف أنه مات بالشام سنة أربع وخمسين، فرق علي بن المديني وخياط وغير واحد بينه وبين الأنصاري، وجزم البغوي وابن السكن وغيرهما بأنهما واحد، وهو الراجح بأنه جهني حالف بني سلمة من الأنصار. انظر خليفة، طبقات (ص ١١٨) ، والمزي، تهذيب الكمال (١٤/٣١٤) ، وابن حجر، إصابة (٢/٢٧٩) .
٣ أي: خاف وفزع. القاموس، واللسان (فرق) .
٤ انظر الواقدي، مغازي (٢/٥٣٢) ، وابن سعد، طبقات (٢/٥١) ، وروايات موسى بن عقبة عند ابن شبة، تاريخ (٢/٤٦٨-٤٦٩) ، والبيهقي، دلائل (٤/٤١) ، وباقشيش، مرويات (١/٣٢٩) .

<<  <   >  >>