كان الأعراب حول المدينة يتحينون الفرص المواتية للنيل من المسلمين والقضاء عليهم إما بغزو المدينة قاعدتهم، أو الانتقام ممن ظفروا به منهم خارجها.
ولما عجزوا عن تحقيق هدفهم الأول نتيجة السرايا التعرُّضية التي كان يرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأديبهم ومباغتتهم في ديارهم أو قتل زعمائهم، كما حدث لخالد بن سفيان الهذلي، لذلك سعوا للهدف الثاني لسهولته.
أما قريش فكانت تعد العدة للكرة مرة أخرى على المسلمين تكون فيها استئصال شأفتهم والقضاء عليهم نهائيًّا.
ولم يغب كل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائد العسكري العبقري –فكانت الدوريات الاستطلاعية إضافة إلى عيونه المبثوثين تأتيه بالأخبار والمعلومات عن تحركات أعدائه من قريش والأعراب أوّلاً بأوَّل. وهو ما يسمى الآن بنظام الاستخبارات العسكرية.
وذلك يؤكد أن المسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعده لم يخوضوا حربًا عشوائية غير مخطَّطٍ لها مع أعدائهم، إنما حربًا ذات خطط "سوقية وتعبوية" منظمة. وكان من تلك السرايا والدوريات سرية استطلاعية لجمع المعلومات عن قريش وتحركاتها، وعن الأعراب وتجمعاتهم.
وإن كانت المصادر التاريخية تجزم بأنها كانت بعثة تعليمية أُرسلت بطلب من بعض الأعراب المدَّعين الإسلام والذين غدروا وأوقعوا بأصحاب السرية عند ماء الرجيع –الذي عرفت السرية به فيما بعد- ويمكن الجمع بين المهمتين كما أوضح البعض١.
١ كالزرقاني، شرح (٢/٦٥) ، وأكرم العمري: المجتمع المدني (ص ٨٨) .