للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان له دور بارز ومميز في تحزيب الأحزاب ضد المسلمين، فنال بذلك القصاص العادل الذي يستحقه بالفعل، فلو أراد الله عز وجل ونجحت مخططات الأحزاب لكان في ذلك القضاء المبرم على المسلمين ولكن الله سلَّم، وفشلت مخططاتهم وهزمهم الله وحده وقتل الله حُييَّ بن أخطب مع بني قريظة، ثم قضى على أبي رافع بمبادرة بطولية من الخزرج فتخلص المسلمون من عدوين خطيرين كان في بقائهما تهديد كبير لأمنهم وسلامتهم.

وفي هذا الحديث من الفوائد: جواز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة وأصرَّ، وقَتْلِ من أعان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، أو ماله أو لسانه، وجواز التجسيس على أهل الحرب وتطلُّب غِرتهم، والأخذِ بالشدة في محاربة المشركين، وتعرُّضِ القليل من المسلمين للكثير من المشركين، والحكم بالدليل والعلامة لاستدلال ابن عتيك على أبي رافع بصوته، واعتماده على صوت الناعي بموته١.

ومما يستفاد من الحديث أيضا النهي عن قتل النساء والولدان إلا إذا كانوا من قوم مبيّتين، وهي مسألة خلافية حيث فيها هذا الحديث وحديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل عن أهل الدار من المشركين يُبيَّتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "هم منهم"٢.

قال الشافعي: فكان سفيان بن عيينة يذهب إلى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "هم منهم" إباحة لقتلهم، وأن حديث ابن أبي الحقيق ناسخ له، قال: وكان الزهري إذا حدَّث بحديث الصعب بن جثامة أتبعه بحديث ابن كعب بن مالك. قال الشافعي رحمه الله: وحديث الصعب بن جثامة في عمرة النبي صلى الله عليه وسلم


١ ابن حجر، فتح (٧/٣٤٥) .
٢ محمد فؤاد عبد الباقي، اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (٢/٢٣٧) .

<<  <   >  >>