للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذخائر العقبي فاشتبه الأمر"١.

إضافة لما سبق فإن من الأمور التي تدعونا إلى الاعتقاد بأن سرية حمزة رضي الله عنه هي الأولى، هو أنه عليه الصلاة والسلام قد اجتهد أن تكون سراياه الأولى من المهاجرين دون الأنصار؛ لأن الأنصار لم يتعهدوا بنصرته خارج المدينة، لذلك نراه يرسل في تلك السرايا المهاجرين، وعلى رأسهم أهل بيته وأقاربه ليكونوا أول من يخوض معمعة القتال والمعارك، ليعطي بذلك القدوة الحسنة.

وبما أن السرية الأولى سيكون لها مردودات إيجابية أو سلبية في حالتي الظفر أو الهزيمة حرص صلى الله عليه وسلم أن يكون قائدها على قدر عظيم من الشجاعة والإقدام وقوة الشكيمة، خاصة إذا علمنا أن قائد القافلة القرشية رجل معروف في قريش بقوة شكيمته وغطرسته حتى إن أبا جهل كان يلقب بأعز البطحاء فكان لا بد له من ند مثله، وقد اتضحت قدرات هذا الند في مكة عندما استطاع وبجرأة أن يضربه وعلى ملأ من قومه وعشيرته ويعلن إسلامه بين أيديهم دون خوف، بل تحداه أن يرد عليه إن استطاع٢، وقد دلت هذه الحادثة بما لا يدع مجالاً للشك بأنه فعلاً أعز فتًى في قريش بلا منازع، فكان حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه والذي أصبح بعد إسلامه أسد الله وأسد رسوله، هو أول قائد لأول سرية والله تعالى أعلم. ليتحقق لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصبو إليه من نتائج إيجابية بعيدًا عن السلبيات المثبطة، وكان له ما أراد عندما رمى أعز البطحاء بأعز قريش.

والله تعالى أعلم بالصواب وهو من وراء القصد.


١ الحلبي، إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون (٣/١٣٧) .
٢ انظر قصة إسلام حمزة رضي الله تعالى عنه في ابن هشام، سيرة (٣/٢٩١-٢٩٢) .

<<  <   >  >>