للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} ١.فلا بد إذن للحق من أنصار يجاهدون في سبيله، ويحتملون ما يلقاهم على طريق الجهاد من بلاء وعناء، فذلك هو الثمن الذي يقدمه المجاهدون لينالوا به رضوان الله، والذي ضن به أولياء الشيطان، فكانت عاقبتهم الخسران، والحسرة والندامة.

- ٥ -

هذا، وقد تعلو للباطل رايات ورايات، وتقوم تحت راياته تلك دولة ودولة حتى يظن أن وجه الحق قد اختفى، وأن دولته قد دالت.. ولكن الواقع هنا هو أن الحق في تلك الحال مضمر في محيط الحياة الإنسانية، يستدعي أنصاره أن يقوموا له، وأن يزيلوا سحب الضلال المنعقدة في سمائه، لتشرق شمسه من جديد وإن طال ليل الباطل وامتد، والله تعالى يقول: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} ٢.ومن هذا المثل الكريم، الذي ضربه الحق سبحانه، للحق والباطل، نرى أن الحق، قد يزاحمه الباطل، ويشوبه بغباره ودخانه، كما يشوب المعادن الكريمة ذرات من التراب أو


١ سورة محمد آية: ٤-٥-٦.
٢ سورة الرعد آية: ١٧-١٨.

<<  <   >  >>