للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصدأ، فإذا عرضت تلك المعادن على النار تخلصت من تلك الشوائب الغريبة التي دخلت عليها، وإذا هي نقية خالصة من كل شائبة!! كذلك الحق، إذا شابه الباطل، فإنه لا يتخلص من هذا الغريب الذي دخل عليه إلا بجهاد المجاهدين الذين يحرقونه بنار جهادهم، ويخلصون الحق من شوائب الباطل: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} ١ ففي قوله تعالى: {نقذف بالحق} . إشارة إلى تلك القوة التي تقوم من وراء الحق من المجاهدين في سبيله، والتي تقذف بالحق قذفا، وتدفع به دفعا لتصدم به الباطل صدمة قاتلة. فإن الحق وحده بغير أنصار ينتصرون له، ويدافعون عنه، هو جوهر كريم في باطن الأرض، لا بد من البحث عنه والمعاناة في سبيل الوصول إليه والانتفاع به. إن من المبادئ المقررة في علم الاجتماع " أن البقاء للأصلح" والأصلح لحياة الناس، وأمنهم واستقرارهم هو الحق، الذي يولد منه كل خير، كما أن الأصلح للإنسان هو سلامة جسده وعقله، فإذا دخل عليه مرض في جسده، أو آفة في عقله، فإنه لا يجد للحياة طعما، إلا إذا تخلص من هذا المرض، وعوفي من تلك الآفة. يقول الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل ١٨٠٦ - ١٨٧٣ م "من السخافة أن يتوهم المرء أن الحق -لا شيء سوى أنه حق- يشتمل على قوة غريزية ليست موجودة في الباطل، من شأنها أن تمكن الحق، من التغلب على ضروب العقاب، والتنكيل، والشرور التي تمتد بها يد الباطل. "إذ الحقيقة الواقعة، أن مقدارا كافيا من العقوبات الغاشمة، أو الظلم الاجتماعي يحول دون انتشار الحق.


١ سورة الأنبياء آية: ١٨.

<<  <   >  >>