للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ألسنتهم، ولا في أعمالهم شيء من الإسلام، وإن يكن فهو شعار زيف، أشبه بسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا. من أجل هذا لم يطق الشيخ صبرا على ما يرى، فأخذ يطوف في البلاد، لعله يصادف في تطوافه وجها صحيحا للإسلام في أي بلد من بلاد الله، فتنتعش نفسه وتبرق بوارق الأمل في صدره، أو لعله يلتقي بمن يشاركه هذه الهموم التي تعتلج في صدره غيرة على الإسلام، وحرصا على المسلمين، فيخفف ذلك من بعض همومه ويجد بعض العزاء عند من يشاركه حملها.

ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة ... يواسيك، أو ينسيك، أو يتوجع

- ٤ -

وكان أن رحل الشيخ من بلده العيينة إلى البلد الحرام، ولما لم يجد هناك ما يشد أزره، ويقوي عزيمته على الدعوة إلى إصلاح حال المسلمين، وتخليصهم من الشرك الذي اغتال مواقع الإيمان منهم - شد رحاله إلى المدينة المنورة. وفي المدينة المنورة، التقى بكثير من العلماء، الذين حماهم الله من الارتكاس في دنس الشرك، وبرأهم من الضلال الذي وقع فيه كثير من أدعياء العلماء وتجار الدين. ومن هؤلاء العلماء، الذين اتصل بهم الشيخ في المدينة الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، وكان عالما مستنيرا، فاقها لدين الله. وقد وجد عنده الشيخ محمد بن عبد الوهاب صدى لما كان يتردد في صدره، ويعتلج في خواطره، فأفاد كثيرا من علمه. كذلك التقى الشيخ في المدينة أيضا بالشيخ محمد بن حياة السندي، وكان محدثا عالما، مستنير البصيرة، فاقها لدين الله، سليم العقيدة، بعيدا عن التقليد الأعمى، فلا يقبل أمراً من أمور دينه، إلا رده إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه

<<  <   >  >>