للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وسلم، ثم نظر فيه بعد ذلك نظر متدبر، فإن غم عليه شيء سأل أهل الذكر من علماء السلف بالرجوع إلى المعتمد من مؤلفاتهم وآثارهم. وقد شهد الشيخ وفود الحجيج، وزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان يفعل المسلمون من منكرات، وما تنطق به ألسنتهم من شرك غليظ حول قبر الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- فشد ذلك من عزمه، وقوى من يقينه على التصدي لهذا الضلال، وإعلان الحرب على هذه المنكرات بكل ما يقدر عليه من إنكار باللسان، وتغيير باليد لهذه المنكرات إن استطاع!

-٥-

فلما أخذ الشيخ ما أمكنه أخذه من علماء المدينة، ووجد دفء الأمل في صدره، أخذ طريقه إلى نجد، معاودا تشديد النكير على تلك المنكرات المتفشية في القوم هناك.. ثم ما كاد الشيخ يستقر في نجد، ويتهيأ لخوض المعركة ضد الشرك هناك، حتى وقع في خاطره أنه إذا قدر له أن ينتصر في هذه المعركة في وطنه، ويزيح غوائل الشرك عنه، فإن الداء لا يلبث حتى يدخل مرة أخرى على أولئك الذين استشفى لهم من دائهم، وذلك بما يزحف عليهم من الأوطان المجاورة، وبخاصة في موسم الحج، وما يحمل وفود الحجيج من آفات الشرك التي تسري سمومها من حامليها إلى الذين تخلصوا منها، كما تسري عدوى الوباء من المريض إلى السليم. لهذا رأى الشيخ رضي الله عنه أن يأخذ بالحكمة القائلة: "الوقاية خير من العلاج"! فرأى أن تكون له رحلات إلى العالم الإسلامي. وذلك ليحقق أمرين: أولهما: أن يتعرف على أحوال المسلمين في غير نجد، وأن يتصل بعلماء المسلمين في أي قطر يحل به، ليجد ما عليه الناس هناك، فإن كانوا على الصحة والسلامة في

<<  <   >  >>