دينهم، تبين الأسباب التي حفظت عليهم دينهم من أن تدنس حماه آفات الشرك. وإن كانوا على الحال التي عليها أهل نجد وما حولهم من هذا الشرك المتمكن منهم، حاول أن يتعرف على مداخل هذه الآفة، وموقف العلماء منها. وثانيهما: أنه لا يعدم في هذه السياحة في أوطان المسلمين أن يلتقي ببعض العلماء الراشدين، فيفيد منهم ويفيدوا منه، ثم لا يعدم أن يجد منهم الداعية في وطنه إلى ما يدعو إليه هو في نجد، وفي الجزيرة العربية، وهذا مما يشد أزر الدعاة إذا تجاوبت دعواتهم، وترددت أصداء هذه الدعوات من كل ناحية.
فقلت ادعو وأدعو إن أندى ... لصوت أن ينادي داعيان
هكذا قدر الشيخ، فكان أن وجه وجهه نحو العراق!!
- ٦ -
الرحلة إلى العراق:
رحل الشيخ إلى العراق، وفي تقديره أن فيها صورا من الشرك تزيد عما رآه في نجد، حيث المشاهد والقباب المموهة بالذهب، والمكسوة بالديباج والحرير، وكانت البصرة محط رحال الشيخ. وهناك رأي أكثر مما كان يتصور من البدع والمنكرات.. ومع هذا فقد صادف في العراق عالما جليلا هو الشيخ محمد المجموعي الذي كان أشبه بومضة من النور في وسط ليل حالك كئيب. وفي مجلس الشيخ المجموعي، كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب يواجه ما يرى أو يسمع من الأقوال والأفعال الشركية، بكلمة الحق، الواضحة الصريحة، التي كانت تنزل على رؤس علماء السوء والعامة المتعلقين بأذيالهم، نزول الصواعق، فتتجهم وجوههم، وتتحرك ألسنتهم بالإنكار على الشيخ ورميه بالمروق من الدين.