للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن هذا الضلال الذي كان عليه أهل البصرة، قامت حملة شيطانية عاتية على الشيخ حيث تداعى عليه السفهاء والمشعوذون المتجرون بالدين، يشوشون عليه ويرجمونه بأقبح الكلمات.. ثم ما زالوا به حتى أخرجوه من البصرة مشيعا بالسب والقذف بالألسنة والأيدي. أخذ الشيخ طريقه عائدا إلى نجد.. وفي الطريق إلى بلدة الزبير ١ كاد يموت عطشا ورهقا، لولا أن سخر الله تعالى له رجلا ٢ رآه على تلك الحال مع ما عليه من جلال ووقار، فأخذته الشفقة به، فأسعفه بالماء، وحمله على حماره، حتى أوصله إلى بلدة الزبير. ومن بلدة الزبير سار الشيخ إلى الأحساء، فلم يمكث بها إلا قليلا، ثم سار منها إلى "حريملاء" التي كان والده قد استقر بها.

- ٧ -

هذه الهجرات وحصادها:

ولا شك أن هذه الهجرات التي هاجر بها الشيخ إلى ربه، نحو مكة والمدينة ثم العراق، وما صادف في هذه الرحلات من ضروب الشدائد وما طلع عليه من وجوه الخير والشر في البلاد والعباد -لا شك أن ذلك كان إعدادا طيبا له- للدخول في هذه الغزوات التي غزاها في سبيل الله، داعيا إلى الله، هاديا إلى دينه القويم، صابراً ومصابراً على كل ما يلقى المجاهدون في سبيل الله من بلاء، هو الطريق إلى رضوان الله، وإلى الفوز بجنات النعيم، كما يقول الرسول الكريم، صلوات الله وسلامه عليه: "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات"


١ بلدة الزبير لواء من ألوية البصرة وفيها قبور طلحة, والزبير بن العوام.. وابن سيرين, والحسن البصري..
٢ هذا الرجل من بلدة الزبير, ويقال له: أبو حمدان.

<<  <   >  >>