دعوته، وجروا فيها على تملق العامة، واسترضاء أهوائهم بما ألفوه وربوا عليه من ضلالات الشرك، وإشعارهم بأنهم على الحق، وأن ما كانوا عليه هو دين الله، وهو شرعه القويم.. وهذا من شأنه أن يغري العامة بالتمسك بما هم فيه، وفي خروجهم عنه ضياع لماضيهم، ولكل ما عملوا فيه.. والإنسان حريص على تزكية أعماله التي صدرت عنه، وهذا ما جعل المشركين يمسكون بشركهم وبإنكارهم للبعث الذي لم يعملوا له حسابا بل كان حسابهم مضافا إلى الحياة الدنيا، كما قال الله تعالى على لسانهم:{وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} ١ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ} ٢.ومن هنا كان لدعوة التوحيد التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لهدم قواعد الشرك التي تحصن فيها المشركون -كان لهذه الدعوة وقع الصاعقة على هؤلاء المشركين، وكان على الشيخ أن يصمد لتلك الحرب الضاربة التي تواجه بها دعوته. وذلك هو موقف كل داعية إلى الله، من أنبياء الله ورسله، والهداة المصلحين من أتباع الأنبياء والرسل.. حيث يواجه الداعية إلى الله، والتحول بالناس من الضلال إلى الهدى، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الظلام إلى النور -حربين في وقت واحد-
الحرب الأولى: وميدانها هذا الداء الخبيث من الشرك، الذي سكن في كيان المشركين، ينفث سمومه في عقولهم وقلوبهم، حتى سكنوا إليه وألفوه بحيث إذا سكن عنهم هذا الداء أصابهم الأرق، فلا يغمض لهم جفن حتى يعاودهم الداء وتسري سمومه المخدرة في كيانهم.. شأنهم في هذا شأن مدمن الخمر ومتعاطي المخدرات.. إنها سموم تسري في بدنه، وتغتال كل صالحة فيه، ولكنه مع ذلك إذا انقطع عنه هذا المخدر، أصابه سعار كسعار الكلب، فلا يسكن سعاره إلا بهذا الداء الذي فيه دواؤه. ولسان حاله قول