والذين استجابوا لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقاموا معه لمحاربة البدع وكشف الشبهات عن وجه الدين الحنيف، الذين استجابوا لدعوة الشيخ من آل سعود وجاهدوا معه في سبيلها بأموالهم وأنفسهم، إنما قاموا بذلك عن إيمان وثيق بصدق تلك الدعوة القائمة على حراسة دين الله، والواصلة ما انقطع بين الخلف والسلف من جامعة الإسلام بينهم. فبهذا الإيمان الحق، وبهذا اليقين الثابت، صبروا على ما كذبوا وأوذوا، وقام الخلف منهم بعد السلف يجاهدون في سبيل الله، فيغلبون ويغلبون ويقتلون ويقتلون، وما دخل عليهم يأس، ولا خار منهم عزم، بل مضوا في طريق الجهاد لنصرة الحق، غير مبالين بما يصيبهم في أنفسهم وأموالهم مستمسكين بقوله تعالى:{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} ١.ولهذا استمرت الدعوة في نماء وقوة، واستمر الخلف بعد السلف قائماً على الذود عنها ونشر رايتها بالحجة المفحمة من كتاب الله وسنة رسوله.. فكان أبناء الشيخ وأحفاده، وأبناء سعود وأحفاده، أهل علم بدين الله، يكتبون الرسائل ويؤلفون الكتب نشرا للدعوة، وكشفا لما أثاره علماء السوء حولها من شبهات. وها هو ذا عبد العزيز بن سعود، يبعث برسالة إلى الشريف حمود يقول له فيها:"أما بعد فالموجب لهذه الرسالة، أن الشريف أحمد بن حسين الفلقي، قدم إلينا فرأى ما نحن فيه، وتحقق من صحة ذلك لديه، فبعد ذلك التمس منا أن نكتب لكم ما يزول به الاشتباه، فتعرفون دين الله الذي لا يقبل من أحد سواه. "فاعلموا -رحمكم الله تعالى- أن الله سبحانه أرسل محمد صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل فهدى به إلى الدين الكامل والشرع التام.