للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقلية أشهى من الظفر بالأعداء، وفالوذج أحلى من الوقيعة فِي الثُّقَلَاء، وشراب أحسن من عَهْدك، وأصفى من ودك، وَسَمَاع آلف من مقارمة الأقمار ومغازلة الغزلان وأمتع من حركات الرّيح من الريحان، فِيمَا عَلَيْك لَو ساعدتني وأسعدتني وحيتني وأحييتني. وَفِي مثلهَا فِي الرّبيع: يَوْمنَا سماؤه فاختية، وأرضه طاؤسية. وَعِنْدنَا فراخ وفراريج مشوية، وشراب أصفى من عين الديك، وسَاق أحسن من التدرج، ومغن كالعندليب، فَمَا رَأْيك فِي المساعدة على السرُور بأشباه هَذِه الطُّيُور. وَفِي مثلهَا فِي الصَّيف: يَوْمنَا أحر من قُلُوب العشاق عِنْد الْفِرَاق، فَمَا ترى فِي بَيت أبرد من أَمْرَد لَا يشتهى، وَمن قلب محب إِذا سلا، وَرَاح أطيب من ريح الْوَلَد من برد الكبد، ونديم أحلى من الْعَافِيَة، وَحسن الْعَاقِبَة، ومطرب أطرب غناء من الْبُشْرَى بالنعمى، من إقبال الدُّنْيَا والشماتة بالعدى. وَمثلهَا فِي الشتَاء: يَوْمنَا أبرد من تَسْبِيح الْعَجُوز، وآذان المخنث، وتشيخ الصَّبِي، ورقص الْأَعْرَج، وَأَنا بالإنفراد عَنْك أوحش من عَيْني تضاجعه عَجُوز، وَمن حمَار أعمى على معلف خَال، فَأحب أَن أنأس بقربك فِي طارمة أدفأ من خَز مبطن بخز بَينهمَا قَز، لنأكل مَا حضر فِي العاجل، ونلبس الفرو من دَاخل. وَفِي الإستزارة: يَوْم الالتقاء بالأصدقاء أقصر من ليل السكارى، وإلهام الْحُبَارَى، وَمن أظفور العصفور، وأنملة النملة، وعنفقة البقة، كَمَا أَن يَوْم فراقهم أطول من ظلّ الرمْح، وَنَفس العاشق، وَصَوْم النَّصَارَى، بل من ليل الْأَعْمَى، فَهُوَ أطول وأدهى، فَمَا عَلَيْك لَو أَنْعَمت بالبكور وَالزِّيَادَة فِي وَظِيفَة السرُور. وَفِي مثلهَا: يَا أجفى من الدَّهْر، وَيَا أقسى من الصخر، أَنا أشوق

<<  <   >  >>