ومن إجلال النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم مقامه تذكره وتذكر العهد الذي كان بينهم وبينه من الزهد والورع، وحين استشعار عدم البقاء على العهد فإن الدموع تترى، يصور ذلك ما صح عن عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا قال فأقبل بوجهه فقال:(إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إني قد كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- مني ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه قال فقبضت يدي قال مالك يا عمرو قال قلت أردت أن أشترط قال تشترط بماذا قلت أن يغفر لي قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله وما كان أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي)(١)
(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان / باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج ٢/١٣٦،،وابن خزيمة في كتاب المناسك/ باب ذكر البيان أن الحج يهدم ما كان قبله من الذنوب والخطايا ٤/١٣١،، وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم باب من أحسن في الإسلام ولم يؤاخذ ١/١٩٠،، وأبو عوانة في المسند١/٧٠،، والبيهقي في كتاب الجنائز/ باب ما يقال بعد الدفن ٤/٥٦،، وأحمد ٢١٦٢٠، ٢١٧٠٥،٢١٦٥٣