ومن تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية سماع من يسبه أو يقول فيه ما يؤذيه والاضطراب لذلك لدرجة البكاء مهما كانت منزلة القائل ومهما كان قربه من السامع، قد يثير البكاء سببان معا تعظيم مقام - النبي صلى الله علية وسلم- والرحمة والشفقة بالقريب الذي لا يقدر الرسول صلى الله عليه وسلم قدره فيكون متعرضا لسخط الله تعالى كما دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:(كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ما أكره فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اهد أم أبي هريرة فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمي خشف قدمي فقالت مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت يا أبا هريرة اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال قلت يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا قال قلت يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب عبيدك هذا يعني أبا هريرة وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني)(١)
(١) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم / باب من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه ١٦/ ٥٢,، والحاكم في كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين / باب ذكر أخبار سيد المرسلين ٢/٦٠٠، وأحمد ٧٩١١