للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الهيْثَمُ بن عَدِي: لما صار سيف عمرو بن معد يكرب الذي يقال له الصمصامة إلى موسى الهادي، دَعَا بِه، فوضع بين يديه، فجرد، ثم قال لحاجبه: إيذَنْ للشعراء، فلما دخلوا أمرهم أن يقولوا فيه، فبدأهم أنس فقال:

حاز صمصامة الزُّبيديِّ من دو ... ن جميع الأنام موسى الأمينُ

سيف عَمْروٍ وكان فيما سمعنا ... خير ما أُغْمِدت عليه الجفونُ

أخضر المتن بين حديه نور ... من فِرِنْدٍ تمتدُّ فيه العيون

أُوقدت فوقه الصواعقُ ناراً ... ثم شابت به الزُّعاف المنون

وإذا ما سللته بَهرَ الشم ... سَ ضياءً فلم تكد تستبين

وكأن الفِرِنْدَ والرونقَ الجا ... رِيَ في صفحتيه ماءٌ مَعينُ

وكأنَّ المَنُونَ نِيطت إليه ... فهْوَ من كل جانبيه مَنونٌ

نِعْمَ مِخْراقُ ذي الحفيظة في الهيج ... اء يسطو به ونعم القرين

ما يُبالي من انتضاه لضرب ... أَشِمال سَطَتْ به أم يمين

قال: فأمرَ له ببَدرة، وقيل: أعطاه السيف، ثم اشتراه بعدُ بخمسين ألف درهم.

ويروى أن عُروة ببن الزَّبير سأل عبد الملك بن مروان أن يردَّ عليه سيف أخيه عبد الله بن الزُّبير، فأخرجه إليه في جملة أسياف مُنْتَضَاةٍ، فأخذه عُروة من بينها. فقال له عبد الملك: بِمَ عرفتَه بين هذه الأسياف؟ قال: بقول النابغة:

ولا عيبَ فيهم غير أن سيوفهم ... بهنَّ فُلولٌ من قِراع الكتائبِ

تُؤُرِّثْن من أزمان يوم حَلِيمةٍ ... إلى اليوم قد جُرِّبْن كلَّ التجارب

وجَّه ملكُ الرّوم إلى هَارُونَ الرَّشيدِ بثلاثة أسياف مع هدايا كبيرة، وعلى كل سيف منها مكتوب: فكان الأول: أيها المقاتل! احمل تَغْنمْ، ولا تفكِّرْ في العاقبة فَتُهْزَم. وعلى الثاني: إذا لم تَصلْ ضربة سيفك، فصِلْها بإلقاء خوفك. وعلى الثالث: التأني فيما يُخاف عليه الفَوْتُ أفضل من العجلة إلى إدراك الأمل.

[فصل]

وللسيف في لغة العرب أسماء كثيرة، وأوصاف متعددة. فمن أسمائه:) الجُنْثي (قال أبو عبيدة: الجُنثْيُّ من أجود الحديد. وقيل: الجنثي: القَيْنُ الذي كان يعملها فنسبت إليه. والذي طُبع بأرض الهند نسبت إليه، فقيل:) هِنديٌّ (. و) مُهَنَّد (و) هُنْدُواني (. وكذلك) اليَمانُّي (منسوب إلى اليَمَن. و) القَلَعيُّ (نسبة إلى القلعة، وقيل إنه الأبيض، فيكون اسم صفة.

و) القسوسيُّ (نسب إلى قسوس: جبل فيه معدن حديد. و) المشْرَفيُّ (نُسب إلى المَشارف، وهي قرى من أرض العرب تقرب من الريف. و) السُّريْجيُّ (نُسب إلى سُرَيْج: قَيْنٍ كان يعملها.

ومن أسماء صفاته: إذا كان عريضاً فهو) صفيحة (. وإن كان لطيفاً مهذباً فهو) قضيب (. وإن كان صقيلاً فهو) خَشيب (وقيل: إنه الذي لم يصقل، وقيل: إنه الذي لم يُحكم عمله مع صلابة فيه ومُضِيّ. وإن كان رقيقاً فهو) مَهْو (. وإن كان فيه حُزُوز مطمئنة عن متنه فهو) مُشَطَّب (و) مُفَقَّر (. وحُزوزُه: شُطَبُه وَفِقَرُهُ. وبذلك سمي سيف النبي صلى الله عليه وسلم، وسيف علي رضي الله عنه.

وقيل إن) ذا الفَقَار (ما كان له حد من جانب، وجانبه الآخر حاف لا يقطع. وبذلك عُرف سيف عَمْرو بن مَعْدِ يكرب، وهو الصّمصامة. فإن كان شفرتاه حديداً مذكراً؛ ومتنه أنيث فهو) مذكراً (، وهذه صفة الإفرنجي، والعرب تزعم أنه من عمل الجن، وهو أبقى على الضرب به في البدء، فأن الهندي قد ينكسر في البدء، وهو للحدِّ أجود.

فإذا كان له بريق فهو) إبريق (. فإن كان لصلابته وصفائه وحسن صقله لا يْعلَقُ به دَمُ الضريبة فهو) إصْلِيتٌ (فإذا طال عليه الدهر فتكسَّر حده فهو) قضيم (فإن كان كليلاً عن القطع فهو) كَهام (، و) دَدَانٌ (. فإن كان في متنه اثرٌ فهو) مأثور (. فإن كان للامتهان في قطع الشجر ونحوها فهو) مِعْضد (. وإن كان للحم والعظام فهو) مِعضَاد (.

ومن أسماء صفات حده: إذا كان قطَّاعا فهو) مِقْصَل (، و) مِخْضَل (و) مِخْذَم (، و) جُرَاز (، و) باتر (، و) عَضْبٌ (، و) حُسام (، و) قاضب (، و) هُذَام (. وكل هذه الأسماء مأخوذة من سرعة القطع. فإذا كان ماضياً في العظام فهو) مُصمِّم (. فإذا كان صارماً لا يثنيه شيء فهو) صَمْصَام (.

فصل في أسماء أجزائه

<<  <   >  >>