القول الثاني: وذهب أكثر الفقهاء المعاصرين، وبعض لجان الإفتاء في العالم الإسلامي إلى منع عقد الزواج بالمهاتفة, وعن طريق الإنترنت ومن هؤلاء:
١ ـ اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية والتي أصدرت فتوى تمنع فيها من إجراء عقد النكاح بالمهاتفة نظراً للتغرير والخداع ومهارة تقليد الأصوات هذه الأيام. ونص الفتوى يقول:
السؤال: إذا توفرت أركان النكاح وشروطه إلا أن الولي والزوج كل منهما في بلد، فهل يجوز العقد تليفونيا أو لا؟
"نظرا إلى ما كثر في هذه الأيام من التغرير والخداع، والمهارة في تقليد بعض الناس بعضا في الكلام وإحكام محاكاة غيرهم في الأصوات حتى إن أحدهم يقوى على أن يمثل جماعة من الذكور والإناث صغارا وكبارا، ويحاكيهم في أصواتهم وفي لغاتهم المختلفة محاكاة تلقي في نفس السامع أن المتكلمين أشخاص، وما هو إلا شخص واحد، ونظرا إلى عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الفروج والأعراض، والاحتياط لذلك أكثر من الاحتياط لغيرها من عقود المعاملات - رأت اللجنة أنه ينبغي ألا يعتمد في عقود النكاح في الإيجاب والقبول والتوكيل على المحادثات التليفونية؛ تحقيقا لمقاصد الشريعة، ومزيد عناية في حفظ الفروج والأعراض حتى لا يعبث أهل الأهواء ومن تحدثهم أنفسهم بالغش والخداع. وبالله التوفيق"(١).
٢ ـ أكثر فقهاء مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بجدة الذين أجازوا التعاقد عبر وسائل الاتصالات الحديثة ومنعوا إبرام عقود النكاح بوسائل الاتصالات الحديثة كتابة ومشافهة وذلك لاشتراط الاستشهاد منه. ونص الفتوي يقول:
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من ١٧ - ٢٣ شعبان ١٤١٠ الموافق ١٤ - ٢٠ آذار (مارس) ١٩٩٠ م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظراً إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرّض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس - عدا الوصية والإيصاء والوكالة - وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف.