للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: "الصحيح اشترط القبول على الفور, ولا يضر الفصل اليسير ,ويضر الطويل" (١)، ولم يشترط الحنابلة الفورية, لكنهم اشترطوا أن يتم الإيجاب والقبول في مجلس واحد, بشرط أن لا ينشغل العاقد عن العقد لغيره.

قال بن قدامة: "إذا تراخى القبول عن الإيجاب صح ما داما في المجلس, ولم يتشاغلا عنه بغيره؛ لأن حكم المجلس حكم حالة العقد" (٢).

وذكر ابن رشد أن الإمام مالك يشترط الموالاة بين الإيجاب والقبول ولا يضر الفصل اليسير بينهما عنده (٣).

والحنفية يشترطون الموالاة ولكنهم يجيزون عقد النكاح بالكتابة ويعدون مجلس العقد حكماً هو وقت وصول الرسالة (٤).

٣ ـ أن الكتابة كناية , والعقود التي تحتاج الى قبول البيع والإجارة والنكاح لا تنعقد بالكتابة.

٤ ـ أن النكاح له خصوصية , فيحتاط فيه ما لا يحتاط في غيره؛ حفظاً للفروج وهذا مقصد من مقاصد الشريعة.

قال الحسن بن صالح بن حي: "لا ينعقد النكاح بالكتابة لعظم خطر أمر النكاح" (٥).

القول الثاني: يُجّوز عقد النكاح بالمكاتبة.

وهذا مذهب الحنفية, والأحناف وإن كانوا كالجمهور في اشتراط الموالاة بين الإيجاب والقبول، وفي اشتراطهم الإشهاد إلا أنهم جعلوا مجلس العقد ساعة وصول الخطاب الذي يحمل الإيجاب إلى الطرف الآخر, فإذا أوصله ودعا الشهود وأطلعهم على الكتاب وأخبرهم بمضمونه وأشهدهم على قبول النكاح, فقد جعلوا مجلس العقد هو المجلس الذي يصل فيه الخطاب حكماً وعلى ذلك تتم الموالاة بين الإيجاب والقبول عندهم ويتم الإشهاد.


(١) ـ روضة الطالبين: النووي, ٧/ ٣٩.
(٢) ـ المغني: ابن قدامة, ٧/ ٤٢٨.
(٣) ـ بداية المجتهد ونهاية المقتصد: محمد بن أحمد بن رشد الحفيد؛ تح: محمد صبحي حسن حلاق. مكتبة ابن تيمية: القاهرة, ٣/ ١٩.
(٤) ـ حاشية رد المحتار: ابن عابدين، ٣/ ١٣.
(٥) ـ المبسوط: السرخسي. ن: محمد أفندي مغربي، ٤/ ٥٢.

<<  <   >  >>