للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الراضي كل واحد منا إذا خلا به ورأى وجهاً للكلام، فوصلت إليه بسر من رأى يوماً وحدي قبل أن يحضر أهل نوبتي فقلت يا أمير المؤمنين إن العبد المتفق لا يملك كتمان ما بقلبه لمولاه، ولا يدخر النصح. وما على المولى شيء من أن يسمع قول عبده، فإن كان صواباً أمضاه، وإن كان خطأ جعله بمنزلة ما لم يسمعه. فضحك وقال: هات ما عندك، فقلت: إن الناس يتحدثون بأن العسكر الذي رحلت قد رحلت لتزيله أشبه بعساكر الإسلام من العسكر الذي تقصده به من قوم لا يرون طاعتك وأشبه بعساكر آبائك. وقد تحدثوا بأن الحسن قد بذل أكثر مما أريد منه فإن رأي سيدنا أن يقبل هذا ويرجع إلى دار ملكه ويزول ما يخافه من وثوب ابن رايق فإنه غير مأمون.

وكان الراضي قد أمر بأن ينادى على ابن رايق، ويطلب فكبست مواضع كثيرة - ومع هذا فإن الحسن بن عبد الله قد نظر إلى أقرب الناس من قبلك وهو قاضيك فجعله السفير له، والضامن عنه وإنه يلقاه فيتصرف بجميع ما يريده.

وهاهنا أيضاً أمر آخر، قال: وما هو؟ قلت: إذا يئس الحسن من قبول سيدنا لما بذل لم نأمن أن يصرف أمره إلى غيره، ويلقى نفسه عليه ويتقرب إليه، ويحظيه ببعض ما بذله، فيجعله صنيعة له ومادة لدهره وعدة لجدته ويكلم من يلقى نفسه عليه سيدنا في أمره ويسأله له ما يريده فيقبل قوله ويهب له أمره، فيحظى بما أردنا أن نحظى به - أعرض ببجكم - فما رأيته أطال الفكر عند شيء سمعه أكثر مما أطاله بعقب

<<  <   >  >>