وهذا الأمير بجكم، ما زال وهو يكتب له مصحح البدن بآمن الحال موفر الأصحاب، ما قتل أحداً من أتباعه ولا أنكر شيئاً من أمره، حتى قبض عليه وصادره، واستكتب غيره. ففسدت عليه حاشيته، وقتل جماعة منهم، وتندم على ذلك، وحالفه سقم في جسمه، فوالله ما قتل إلا وهو مستسقم فاسد المزاج.
ولقد كنت أقول لسنان بن ثابت ما ترى لون الأمير واستحالته والغلظ الذي يشكوه في جوفه؟ فيقول لي لعله يصلح إذا احتمى، قول آيس منه، فما عمره بعد مفارقته له مع تنغص عيشه إلا مديدة.
وهذا الأمير المظفر أبو الوفاء توزون، ما كان أصحابه قبل أن يكتب له يفي عدتهم بثلثي عدتهم في هذا الوقت، ولا نفقاته تفي بنصف بعضه في هذا الوقت، فهو بركة عليه في نفسه وجيشه واتساع نفقاته.
والله يعلم أن ما تحريت بقولي هذا إلا الحق والمناصحة ولا يراني الله - في شيء مما أرويه وأؤلفه - أريد صديقاً لصداقته، ولا رئيساً لإحسانه، ولا أتزيد على عدو لعداوته، ولما أعتقده من بغضه، ومن لزم الحق سلم في عاجله وآجله، وكان الله ولى توفيقه.