الخليفة المتقي لله وكتابه إلى الأمير أبي الوفاء المظفر.
وهذا رجل من رؤساء كتاب الزمان ممن خدم الأمراء السادة، وهو حدث لم يتكهل فحسن خبره، وحمد أثره. كتب ليوسف بن ديوذاذ أبي الساج، وهو الأمير الذي لا تدفع شجاعته ولا يجهل قديمه ورياسته ولا يشك في عقله وأدبه ونفاذه في جميع الأمور، فبلغ به ومعه الغاية التي لا تبلغها الآمال وهو مع كتبته رابط الجأش قوى الشجاعة حسن الفروسية، شهد مع يوسف بن أبي الساج وقعة القرمطي بالكوفة، فما زال ضارباً بالسيف إلى أن علم بأمر صاحبه فحمى نفسه بإقدامه وغلمانه، حتى أفلت جريحاً.
وكتب لعلي بن يلبق وهو هني لا يعد، فجعل إليه بتلطفه أمر المغرب كله وشرطة بغداد وحجبة الخليفة، إلى أن خلط عليه فتركه، فآل أمره إلى ما آل إليه، وإنما ذكرت أمر ابن يلبق معه لشيء أجيء به بعد.
سمعت الراضي يقول في خلافته: إنما كتب الحسن بن هارون لابن يلبق رحمة من الله لنا لنبقى، ولولاه لقتلنا القاهر كلنا! ولكنه كان يمنع منا ويحمل ابن يلبق على المناضلة عنا والدفع عن أنفسنا، وكان يصفه كثيراً.
ولقد غنت ستارته يوماً بشعر مليح، فقال أتعرف هذا اللحن؟ قلت لا، قال فالشعر؟ قلت لا، قال هذا الشعر كتب به إلى الحسن بن هارون وعمل هذا اللحن فيه، وكان عنده بمنزلة لطيفة. فلما قدم برسالة الخليفة وكتابه بلطف للأمير ابن المظفر إلى أن جمع الناس عنده