فمن ذلك: أن الأمير أقام بواسط، ليستنطف الأموال بها، فكتب إليه: دع كل شيء، وصر إلي، ولعن الله المال! فراجعه فألح عليه فقدم، فخلع عليه وأمره. وأشار الأمير عليه أن يصالح بني البريدي إذ كانوا قد ظفروا بمجيئه بكثير من المال. وقال: نستعجل الأموال منهم، ونحن على أمرنا بعد ذلك. فخالفه، وقال لا بد من محاربتك لهم، وإزالة أمرهم، وكان رأي الأمير صواباً، في هذا فترك الرأي ولم يخالفه.
وانحدر هذا بعد أن قد كان كتب قبل ذلك بالإيقاع بسيف الدولة ليريحه الله هو بذلك من ناصر الدولة ببغداد، ولكرم الأمير توزون وحسن عهده، ما ترك سيف الدولة حتى جاء لأسباب دعاها له، ولو أراده ما فاته، ثم ما عامله من الخروج عن بغداد يرى الناس أنه فزع منه، وأن الأمير عاص له.
ثم ما حمل ابن حمدان عليه من محاربته مرة بعد مرة، على كراهة ابن حمدان للحرب، كل ذلك طمعاً من المتقي في إزالة الأمير عن مرتبته.
ومنها أنه كاتب صاحب خراسان يستنجده عليه، والأخشيذ بن طغج بمثل ذلك، كل هذا هو فيه ظالم للأمير توزون، ثم إقباله بعد ذلك حتى وضع يده في يده، ظن أن الأمير هو حدث أعجمي نسى هذا كله، والله لو فعل الرشيد هذا بالمأمون في حلمه وعقله، وهو