للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولابد في رمي الجمار من أن يتحقق أو يغلب على ظنه أن الحجر وصل إلى الحوض، فإن لم يتحقق ذلك أو يغلب على ظنه أعاد الرمي في الوقت، فإن خرج من منى ولم يعد فعليه دم؛ لأنه ترك واجباً، أما إذا تيسر له أن يعيد الرمي في أيام منى أعاده مرتباً بالنية ولا شيء عليه.

ومن المعلوم أنه يمكن للحاج أن يتعجل في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة بعد رمي الجمار، بعد الزوال. وإذا أحب أن يسافر طاف للوداع وسافر، هذا إذا كان قد طاف طواف الحج، أما إذا لم يكن قد طاف طواف الحج فلا مانع أن يكون طواف الحج هو طواف الوداع، فطواف الإفاضة يكفيه عن طواف الوداع إذا سافر بعده، وإن تأخر ورمى الجمار يوم الثالث عشر بعد الزوال فهذا هو الأفضل وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن غابت عليه شمس يوم الثاني عشر وهو في منى لزمه المبيت وأن يرمي يوم الثالث عشر بعد الزوال، ومن فاته الرمي حتى غابت الشمس يوم الثالث عشر لزمه دم عن ترك هذا الواجب العظيم.

أما فيما يتعلق بعرفة فهي الركن الأعظم للحج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة» (١)، فلابد في الحج من الوقوف بعرفة يوم التاسع بعد الزوال، هذا هو المشهور عند جمهور أهل العلم، ويقول بعضهم: إذا وقف قبل الزوال أجزأه؛ لأنه يعد من عرفة. لكن المشروع أن يقف بعد الزوال إلى غروب الشمس، وإن وقف ليلة النحر أجزأه ذلك قبل طلوع الفجر، ومن فاته الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر فاته الحج، ومن وقف نهاراً وانصرف قبل الغروب فقد ترك واجباً فعليه دم عند جمهور أهل العلم.

ويشرع للحاج أن يكثر في عرفات من الدعاء والذكر والتلبية، مع رفع الأيدي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم مع القصر، بأذان وإقامتين في مسجد نمرة إن تيسر له ذلك، فإن لم يتيسر ذلك، فعلى كل جماعة أن يصلوا في مكانهم تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم يبقى الحاج في محله من عرفة، وعرفة كلها موقف، ويدعو الله في جميع الأحوال: جالساً أو مضطجعاً أو قائماً، ويكثر من الذكر والتلبية إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس انصرف بسكينة ووقار وهدوء إلى مزدلفة، ويصلي بها المغرب والعشاء قبل أن يحط الرحال، بأذان


(١) رواه الإمام أحمد في (مسند الكوفيين) حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي برقم ١٨٤٧٥، والترمذي في الحج باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج برقم ٨٨٩

<<  <   >  >>