للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كيفية صلاة المريض]

أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام، له أن يصلي جالسا، فإن عجز عن الصلاة جالسا فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيًا لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب» (١) رواه البخاري وزاد النسائي: «فإن لم تستطع فمستلقيا» ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود. لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صل قائما» ولعموم قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] وإن كان بعينه مرض فقال ثقات من علماء الطب: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا، فله أن يصلي مستلقيا. ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود، وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته، إن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع فمتى أراد الركوع زاد في انحنائه قليلا، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر من الركوع ما أمكنه ذلك، وإن لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول. ولا تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتا بأي حال من الأحوال للأدلة السابقة. ومتى قدر المريض في أثناء الصلاة على ما كان عاجزا عنه من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء، انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلاته، وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال ذكره لها، ولا يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها ليصليها فيه. لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» (٢) وتلا قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] ولا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال، بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته، فلا يجوز له ترك المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضا ما دام عقله ثابتا، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته، فإذا تركها عامدا وهو عاقل عالم بالحكم الشرعي مكلف


(١) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (١٠٥٠)، وأبو داود في (الصلاة) برقم (٨١٥).
(٢) رواه البخاري في (مواقيت الصلاة) برقم (٥٦٢)، ورواه مسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) برقم (١١٠٢، ١١٠٤).

<<  <   >  >>