القريب المالك لكل شيء والقادر على كل شيء كما قال سبحانه:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة: ١٨٦] وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن «الدعاء هو العبادة»، وقال لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:«احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله» أخرجه الترمذي وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم:«من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار» رواه البخاري، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي الذنب أعظم؟ قال «أن تجعل لله نداً وهو خلقك» والند: هو النظير والمثيل فكل من دعا غير الله، أو استغاث به أو نذر له، أو ذبح له أو صرف له شيئا من العبادة سوى ما تقدم، فقد اتخذه نداً، سواء كان نبياً أو ولياً، أو ملكاً أو جنياً، أو صنماً أو غير ذلك من المخلوقات.
أما سؤال الحي الحاضر بما يقدر عليه، والاستعانة به في الأمور الحسية، التي يقدر عليها فليس ذلك من الشرك، بل من الأمور العاديةالجائزة بين المسلمين، كما قال تعالى في قصة موسى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص: ١٥] وكما قال تعالى في قصة موسى أيضا: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}[القصص: ٢١] وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب، وغيرها من الأمور التي تعرض للناس، ويحتاجون فيها إلى بعضهم ببعض.
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر أمته أنه لا يملك لأحد نفعاً ولا ضراً، فقال في سورة الجن:{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا * قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا}[الجن: ٢٠ - ٢١] وقال تعالى في سورة الأعراف: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: ١٨٨]
والآيات في هذا المعنى كثيرة وهو صلى الله عليه وسلم لا يدعو إلا ربه، وكان في يوم بدر يستغيث بالله، ويستنصره على عدوه ويلح في ذلك، ويقول:«يا رب انجز لي ما وعدتني» حتى قال الصديق الأكبر أبو بكر رضي الله عنه: حسبك يا رسول الله،