وهي العبادة عن غير الله، وتثبت العبادة لله وحده، دون ما سواه من سائر المخلوقات، والأدلة على هذا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا، منها قوله عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] وقوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}[الأسراء: ٢٣] وقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[البينة: ٥] وقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: ٦٠] وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة: ١٨٦] فبين سبحانه في هذه الآيات أنه خلق الثقلين لعبادته، وأنه قضى أن لا يعبد إلا هو سبحانه وتعالى، ومعنى قضى: أمر وأوصى، فهو سبحانه أمر عباده وأوصاهم في محكم القرآن، وعلى لسان الرسول عليه الصلاة والسلام، ألا يعبدوا إلا ربهم، وأوضح جل وعلا أن الدعاء عبادة عظيمة، من استكبر عنها دخل النار، وأمر عباده أن يدعوه وحده، وأخبر أنه قريب يجيب دعوتهم، فوجب على جميع العباد أن يخصوا ربهم بالدعاء لأنه نوع من العبادة التي خلقوا لها، وأمروا بها وقال عز وجل:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}
[الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣] أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أن صلاته ونسكه، وهو الذبح، ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له، فمن ذبح لغير الله فقد أشرك بالله، كما لو صلى لغير الله لأن الله سبحانه جعل الصلاة والذبح قرينين، وأخبر أنهما لله وحده لا شريك له، فمن ذبح لغير الله من الجن والملائكة والأموات وغيرهم، يتقرب إليهم بذلك، فهو كمن صلى لغير الله، وفي الحديث الصحيح يقول النبي عليه الصلاة والسلام:«لعن الله من ذبح لغير الله» وأخرج الإمام أحمد بسند حسن عن طارق بن شهاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لأحدهما قرب قال ليس عندي شيء أقربه قالوا قرب ولو ذباباً فقرب ذبابا فخلوا سبيله فدخل النار وقالوا للآخر قرب قال ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عزوجل فضربوا عنقه فدخل الجنة».
فإذا كان من تقرب إلى الصنم ونحوه بالذباب ونحوه يكون مشركاً، يستحق
دخول النار، فكيف بمن يدعو الجن والملائكة والأولياء ويستغيث بهم، وينذر لهم، ويتقرب إليهم بالذبائح يرجو بذلك حفظ ماله، أو شفاء مريضه، أو سلامة دوابه