وأخرج أهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم علي أنه قال:«من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فالواجب على المسلمين: الحذر من سؤال الكهنة والعرافين، وسائر المشعوذين، المشتغلين بالأخبار عن المغيبات، والتلبيس على المسلمين، سواء كان باسم الطب أو غيره، لما تقدم من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وتحذيره منه، ويدخل في ذلك ما يدعيه بعض الناس باسم الطب، من الأمور الغيبية، إذا شم عمامة المريض، أو خمار المريضة، أو نحو ذلك، قال: هذا المريض أو هذه المريضة فعل كذا، وصنع كذا، من أمور الغيب التي ليس في عمامة المريض ونحوها دلالة عليها، وإنما القصد من ذلك التلبيس على العامة حتى يقولوا إنه عارف بالطب، وعارف بأنواع المرض وأسبابه، وربما أعطاهم شيئاً من الأدوية، فصادف الشفاء بقدر الله، فظنوا أنه بأسباب دوائه، وربما كان المرض بأسباب بعض الجن والشياطين، الذين يخدمون ذلك المدعي للطب، ويخبرونه عن بعض المغيبات التي يطلعون عليها فيعتمد على ذلك ويرضي الجن والشياطين بما يناسبهم من العبادة، فيرتفعون عن ذلك المريض، ويتركون ما قد تلبسوا به معه من الأذى، وهذا شيء معروف عن الجن والشياطين ومن يستخدمهم.
فالواجب على المسلمين: الحذر من ذلك، والتواصي بتركه، والاعتماد على الله سبحانه، والتوكل عليه في كل الأمور ولا بأس بتعاطي الرقى الشرعية والأدوية المباحة، والعلاج عند الأطباء الذين يستعملون الكشف على المريض، والتأكد من مرضه، بالأسباب الحسية والمعقولة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله» وقال صلى الله عليه وسلم: «لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله» وقال صلى الله عليه وسلم: «عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فنسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يشفي قلوبهم وأبدانهم، من كل سوء، وأن يجمعهم على الهدى، وأن يعيذنا وإياهم من مضلات الفتن، ومن طاعة الشيطان وأوليائه، إنه على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.