أمرنا بها، ومن جهة ما نهانا عنه سبحانه وتعالى، ومن جهة البصيرة بما يجب على العبد من حق الله وحق عباده، ومن جهة خشية الله وتعظيمه ومراقبته، فإن رأس العلم خشية الله سبحانه وتعالى، وتعظيم حرماته، ومراقبته عز وجل فيما يأتي العبد ويذر، فمن فقد خشية الله ومراقبته فلا قيمة لعلمه، وإنما العلم النافع، والفقه في الدين الذي هو علامة السعادة هو العلم الذي يؤثر في صاحبه خشية الله، ويورثه تعظيم حرمات الله ومراقبته، ويدفعه إلى أداء فرائض الله وإلى ترك محارم الله، وإلى الدعوة إلى الله عز وجل، وبيان شرعه لعباده، فمن رزق الفقه في الدين على هذا الوجه فذلك هو الدليل والعلامة على أن الله أراد به خيراً، ومن حرم ذلك وصار مع الجهلة والضالين عن السبيل، المعرضين عن الفقه في الدين، وعن تعلم ما أوجب الله عليه، وعن البصيرة فيما حرم الله عليه، فذلك من الدلائل على أن الله لم يرد به خيراً، وقد وصف الله الكفار بالإعراض عما خلقوا له وعما أنذروا به؛ تنبيهاً لنا على أن الواجب على المسلم أن يقبل على دين الله، وأن يتفقه في دين الله، وأن يسأل عمل أشكل عليه، وأن يتبصر، قال عز وجل:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}[الأحقاف: ٣] وقال سبحانه: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}[الكهف: ٤٣]
فمن شأن المؤمن طلب العلم، والتفقه في الدين، والتبصر، والعناية بكتاب الله، والإقبال عليه وتدبره، والاستفادة منه، والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتفقه فيها، والعمل بها، وحفظ ما تيسر منها، فمن أعرض عن هذين الأصلين وغفل عنهما، فذلك دليل وعلامة على أن الله سبحانه لم يرد به خيراً، وذلك علامة الهلاك والدمار، وعلامة فساد القلب وانحرافه عن الهدى، نسأل الله السلامة والعافية من كل ما يغضبه.
فجدير بنا معشر المسلمين أن نتفقه في دين الله، وأن نتعلم ما يجب علينا، وأن نحرص على العناية بكتاب الله؛ تدبراً، وتعقلاً، وتلاوة، واستفادة، وعملاً بذلك، وأن نُعنى بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام حفظاً وعملاً وتفقهاً فيها، وأن نعنى أيضاً بالسؤال عما أشكل علينا، فالإنسان يسأل عمَّا أشكل عليه، ويسأل من هو أعلم منه ليستفيد؛ عملاً بقول الله سبحانه:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]
وعليه أن يحضر حلقات العلم؛ ليستفيد ويتذاكر مع إخوانه الذين يرجو أن يكون