التابعين رواية ودراية، ثم هكذا أتباع التابعين نقلوه لمن بعدهم، ثم ألَّفوا كتباً عظيمة في الحديث والتفسير واللغة العربية … وغير هذا من أنواع العلوم الشرعية، حتى بصَّروا الناس، وحتى أرشدوا إلى الطريق السوي، وحتى علموهم القواعد الشرعية التي بها يعرف كتاب الله، وبها تعلم معانيه، وبها تحفظ السنة، وبها تعلم معانيها.
وبذلك يحصل العمل بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على بصيرة وعلى هدى وعلى نور، فجزاهم الله عن ذلك خيراً وضاعف لهم الأجور، وضاعف لهم الحسنات، ونفعنا بعلومهم جميعاً، وأعاذنا جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
ومما يتعلق بهذا حضور حلقات العلم؛ لأنها من طريقة أهل العلم، وفي الحديث الصحيح:«إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» قيل يا رسول الله وما هي رياض الجنة؟ قال «حلق الذكر» وقال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة» وقال عز وجل: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]، فهذه أشياء مهمة تتعلق بالفقه والفقهاء، وبطلب العلم في المساجد، وبالرحلة إلى البلدان التي فيها العلماء المعروفون بالاستقامة، كل هذا من أسباب تحصيل العلم، ومن الطرق التي توصل إليه، وصاحبها يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة».
فإذا سأل أهل العلم، أو سافر إليهم في بلادهم، أو زارهم في بيوتهم وفي المساجد فقد سلك طريقاً يلتمس فيه علماً.
وذكر أهل العلم: أن من الطرق المعينة على حفظ العلم كتابته، والعناية بحفظه، كما فعل سلفنا الصالح رحمهم الله ومن بعدهم من أهل العلم، كل هذا من وسائل تحصيل العلم، ومن الطرق الموصلة إليه. كما أن الرحلة والانتقال من بلد إلى بلد، ومن مسجد إلى مسجد، ومن حلقة إلى حلقة، ومن بيت عالم إلى بيت عالم؛ لطلب العلم، وللتفقه في الدين، كل ذلك أنواع وطرق من طرق تحصيل العلم، وهي داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقاً يلتمس فيه علما .... » الحديث.
والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.