وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من تركها تهاوناً وإن لم يجحد وجوبها يكفر كفرا أكبر؛ لهذه الآيات والأحاديث التي سبق ذكرها، ولو قال إنه يؤمن بوجوبها، إذا تركها تهاوناً فقد تلاعب بهذا الأمر الواجب، وقد عصى ربه معصية عظيمة، فيكفر بذلك في أصح قولي العلماء؛ لعموم الأدلة، ومنها قول الرسول عليه الصلاة والسلام:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»، ما قال من جحد وجوبها، بل قال:«من تركها»، فهذا يعم من جحد ومن لم يجحد، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم:«بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»، ما قال إذا جحد وجوبها.
فالرسول عليه الصلاة والسلام أفصح الناس عليه الصلاة والسلام، فهو أفصح الناس، وهو أعلم الناس، يستطيع أن يقول إذا تركها جاحداً لها، أو إذا جحد وجوبها، لا يمنعه من هذه الكلمة التي تبين الحكم لو كان الحكم كما قال هؤلاء، فلما أطلق عليه الصلاة والسلام كفره فقال:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»، دل ذلك على أن مجرد الترك والتعمد لهذا الواجب العظيم يكون به كافراً كفراً أكبر - نسأل الله العافية - ورِدّة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك.
ولا يجوز للمرأة المسلمة بعد ذلك أن تبقى معه حتى يرجع إلى الله ويتوب إليه، وقد قال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه الله:(كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).
فذكر أنهم مجمعون على أن ترك الصلاة كفر، ولم يقولوا بشرط أن ينكر وجوبها، أو يجحد وجوبها، أما من قال: إنها غير واجبة، فهذا كافر عند الجميع كفراً أكبر، وإذا قال: إنها غير واجبة فقد كفر عند جميع أهل العلم، ولو صلى مع الناس، متى جحد الوجوب كفر إجماعاً، نسأل الله العافية.
وهكذا لو جحد وجوب الزكاة، أو وجوب صوم رمضان أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة كفر إجماعاً، نسأل الله العافية.
وهكذا لو قال: إن الزنا حلال، أو الخمر حلال، أو اللواط حلال، أو العقوق حلال، أو الربا حلال، كفر بإجماع المسلمين، نسأل الله العافية؛ لأنه استحل ما حرمه الله، لكن إذا كان مثله يجهل ذلك وجب تعليمه، فإن أصر على جحد الوجوب كفر إجماعا كما تقدم، والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.