للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو شَيْبَةَ , وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا ⦗٨٧٢⦘ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْكَاذِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: «النَّاسُ عِنْدَنَا مُؤْمِنُونَ فِي الْأَحْكَامِ وَالْمَوَارِيثِ , وَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ , وَلَا نَدْرِي مَا حَالُنَا عِنْدَ اللَّهِ» قَالَ الشَّيْخُ: فَهَذِهِ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ وَطَرِيقُ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْعُلَمَاءِ لُزُومَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ , لَا يَدْرُونَ كَيْفَ أَحْوَالُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ , وَلَا كَيْفَ أَعْمَالُهُمْ أَمَقْبُولَةٌ هِيَ أَمْ مَرْدُودَةٌ؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧]. وَأَخْبَرَ عَنْ عَبْدِهِ الصَّالِحِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ: {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا} [النمل: ١٩]. أَفَلَا تَرَاهُ كَيْفَ يَسْأَلُ اللَّهَ الرِّضَا مِنْهُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ , لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ بِنَافِعَةٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي مَنْظَرِ الْعَيْنِ صَالِحَةً , إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ رَضِيَهَا وَقَبِلَهَا , فَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَجْزِمَ أَنَّ أَعْمَالَهُ الصَّالِحَةَ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ , وَأَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا مَرْضِيَّةٌ , وَعِنْدَهُ زَكِيَّةٌ , وَلَدَيْهِ مَقْبُولَةٌ. هَذَا لَا يَقْدِرُ عَلَى حَتْمِهِ وَجَزْمِهِ إِلَّا جَاهِلٌ مُغْتَرٌ بِاللَّهِ , نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْغِرَّةِ بِاللَّهِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ , أَمَا تَرَوْنَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى الرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ صَلَّى الصَّلَاةَ فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا وَرُبَّمَا كَانَتْ فِي جَمَاعَةٍ وَفِي وَقْتِهَا , ⦗٨٧٣⦘ وَعَلَى تَمَامِ طَهَارَتِهَا , فَيُقَالُ لَهُ: صَلَّيْتَ؟ فَيَقُولُ: قَدْ صَلَّيْتُ إِنْ قَبِلَهَا اللَّهُ , وَكَذَلِكَ الْقَوْمُ يَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ , فَيَقُولُونَ فِي آخِرِهِ: صُمْنَا إِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ تَقَبَّلَهُ مِنَّا. وَكَذَلِكَ يَقُولُ مَنْ قَدِمَ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ حَجَّهِ وَعُمْرَتِهِ وَقَضَاءِ جَمِيعِ مَنَاسِكِهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ حَجِّهِ , إِنَّمَا يَقُولُ: قَدْ حَجَجْنَا مَا بَقِيَ غَيْرُ الْقَبُولِ , وَكَذَلِكَ دُعَاءُ النَّاسِ لِأَنْفُسِهِمْ , وَدُعَاءُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صَوْمَنَا , وَزَكَاتَنَا , وَبِذَلِكَ يُلْقَى الْحَاجُّ فَيُقَالُ لَهُ: قَبِلَ اللَّهُ حَجَّكَ , وَزَكَّى عَمَلَكَ , وَكَذَا يِتَلَاقَى النَّاسُ عِنْدَ انْقِضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ , فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَبِلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ. بِهَذَا مَضَتِ سَنَةُ الْمُسْلِمِينَ , وَعَلَيْهِ جَرَتْ عَادَاتُهُمْ , وَأَخَذَهُ خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ , فَلَيْسَ يُخَالِفُ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْإِيمَانِ وَيَأْبَى قَبُولَهُ إِلَّا رَجُلٌ خَبِيثٌ مُرْجِئٌ ضَالٌّ , قَدِ اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَى قَلْبِهِ , نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>