بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، رَدًّا لِمَا جَحَدَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ الْمُلْحِدَةُ قَالَ الشَّيْخُ: فَالْجَهْمِيَّةُ تَجْحَدُ أَنَّ لِلَّهِ سَمْعًا، وَبَصَرًا، وَقَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: ٦١] أَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، كَقَوْلِكَ لِلْمَكْفُوفِ: مَا أَبْصَرَهُ بَكَيْتَ وَكَيْتَ، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ عَلَى إِبْطَالِ صِفَاتِ الْمَوْصُوفِ، وَرَدُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَجَحَدُوا صِفَاتِ اللَّهِ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، فَعَدَلُوا عَمَّا نَهَى اللَّهُ، وَوَهَّمُوا عَلَى الضُّعَفَاءِ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ تَنْزِيهَ اللَّهِ، وَصَرْفَ التَّشْبِيهِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] فِي الْقُدْرَةِ، وَالْعَظَمَةِ، وَالْعِزِّ وَالْبَقَاءِ، وَالسُّلْطَانِ، وَالرُّبُوبِيَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَصَفَ نَفْسَهُ بِمَا يَشَاءُ، ثُمَّ وَصَفَ خَلْقَهُ بِمِثْلِ تِلْكَ الصِّفَاتِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَاحِدَةً، وَلَيْسَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مِثْلَهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَيْنَمَا تُوَلَّوْا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]، وَ {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨]، وَقَالَ: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، فَذَكَرَ لِنَفْسِهِ وَجْهًا وَذَكَرَ لِخَلْقِهِ وُجُوهًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute